ما يجري في الجنوب السوري يقلق الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي سارع إلى الإعلان عن زيارة ثانية لدمشق في وقت قريب ليبحث مع الرئيس أحمد الشرع في التطورات الجنوبية ومطامع إسرائيل بابتلاع الأراضي السورية بسكانها الدروز، مهددة بالدفاع عنهم في وجه قوات الشرع على تخوم دمشق وتحديداً في جرمانا.
ad
الجيش الإسرائيلي ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، لم يترك موقعاً عسكرياً أو مخزن أسلحة أو مدفعية أو مطاراً عسكرياً إلّا ودمّره، حتى باتت سوريا مع قرار حلّ الجيش والقوى الأمنية الأخرى دولة بلا حيلة، تشبه العراق بعد الغزو الأميركي وإسقاط نظام صدام حسين وحلّ الجيش، فبات مرتعاً للمجموعات المسلّحة المتطرّفة والمتناحرة، ولا يزال يعاني حتى يومنا هذا، هذا بالإضافة إلى التوغل الإسرائيلي المستمر في جنوب سوريا والسيطرة على جبل الشيخ والمنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل، إلى أجل غير مسمّى وقد أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عن التوجه إلى إقامة منتجع سياحي في جبل الشيخ.
فماذا حصل في جرمانا ولماذا تريد إسرائيل استكمال سيطرتها على الجنوب السوري ولماذا توتر جنبلاط وطلب موعداً للقاء الشرع؟
ad
وقعت في جرمانا اشتباكات بين عناصر درزية مسلّحة وقوات الأمن السورية بعد مقتل عنصرين أمنيين على أيدي مسلّحين دروز، فدخلت قوات الأمن لاعتقال المتورطين وأمهلت المسلحين لإزالة الحواجز وتسليم المتورّطين.
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، هدّدا بالتدخل عسكرياً في سوريا ضد القوات السورية، إذا أقدم النظام الإرهابي، بحسب توصيفهما، على المساس بالدروز في ضاحية جرمانا جنوب شرقي دمشق، وأصدرا أوامر للجيش بالاستعداد وإرسال تحذير صارم وواضح: “إذا أقدم النظام على المساس بالدروز فإننا سنؤذيه”. وأكد كاتس حرص إسرائيل على تعزيز التواصل مع الطائفة الدرزية في سوريا، عبر التواصل مع الشيخ حمود الحناوي، شيخ عقل الموحدين الدروز في السويداء.
وتكشف جهات مطّلعة على مسار الأمور بين الدروز والنظام الجديد عن عدم اكتراث رسمي بما يحصل، وعن صمت مريب حيال التوغّلات الإسرائيلية في الجنوب السوري وتحديداً في المناطق الدرزية، حيث يعيش 500 ألف درزي و250 ألف سنّي، وقد كان شيخ العقل حكمت الهجري واضحاً عندما قال: “لا مانع من تسليم السلاح شرط أن تتعافى الدولة وتكون دولة للجميع وليس لفريق دون الآخرين”، غامزاً من قناة النظام الديني الآخذ في التبلور في سوريا.
وتضيف الجهات المتابعة إن الدروز بشكل عام يرفضون الانضمام إلى إسرائيل، باستثناء قلّة منهم تنظر إلى الدولة المتقدّمة في المنطقة في مقابل الإهمال الرسمي من جانب النظام الجديد، وحالة الفقر التي تخيّم على أسلوب عيشها.
وتسأل الجهات المتابعة: “هل كان هناك اتفاق مسبق على ترك المنطقة الجنوبية لإسرائيل قبيل سقوط نظام بشار الأسد؟ ولماذا لم تتحرّك قوات النظام الحالي جنوباً للسيطرة على المنطقة كما فعلت في المناطق الأخرى؟ ولماذا لا تقدّم السلطة أي ضمانات أو خدمات لأبناء الطائفة الدرزية؟”.
مطامع إسرائيل بمصادر المياه والنفط السورية واضحة ولا لبس فيها من حوض اليرموك إلى المناطق الشرقية الشمالية القريبة من تركيا، عندما
ad
تسنح لها الفرصة لمزيد من التوغل، بما يحقق لها ممر داوود، وإسرائيل التي تلعب على الوتر الطائفي في سوريا مستغلّة وجود أقليات لا تتناغم مع الحكم الجديد من أكراد ودروز وعلويين، تسعى إلى توجيه ضربة للنفوذ التركي بعد ضربها النفوذ الإيراني، ما يضع سوريا أمام خطر التقسيم.
من هنا يفسّر خبير استراتيجي عبر “ليبانون فايلز” مخطط نتنياهو على الشكل التالي:
– أولاً، يسعى نتنياهو إلى تفكيك سوريا بشكل عاجل من خلال اللعب على وتر الفتنة الطائفية في بلد متنوّع طائفيّاً، فنراه يستميل الدروز في المنطقة الحدودية الجنوبية، ما يسهّل عليه فرض الحماية الأمنية عليهم بالرغم من رفضهم المعلن للوصاية الإسرائيلية.
-ثانياً، يستغل نتنياهو قصر المسافة بين جرمانا ذات الغالبية الدرزية والعاصمة السورية، ليعمّق التوغّل داخل سوريا وليقترب من دمشق.
-ثالثاً، يستفيد نتنياهو من الأحداث السورية لحرف الأنظار عن غزة ومحاولات الالتفاف على المرحلة الثانية للهدنة مع إعلان مكتبه عن خطط لاستكمال الحرب في القطاع.
-رابعاً، يسعى نتنياهو لفرض بند جديد على أجندة أعمال القمة العربية المرتقبة في القاهرة اليوم، على الرغم من عقدها للبحث في الملف الفلسطيني، في محاولة لتشتيت الجهود العربية ما يحعل الأمور تصب في مصلحته.