النزوح السوري المستجد تجاوز الـ 40 ألفا في الشمال…

تتفاقم ازمة النزوح السوري المستجد الى عكار وطرابلس، ولا تزال موجات النزوح اليومية على حالها، في ظل غياب الاهتمام الرسمي الجدي، وغياب لافت للمنظمات الانسانية الدولية مع صمت مطبق، باستثناء الصليب الاحمر اللبناني وبرنامج الغذاء في الامم المتحدة، واهتمام ادارة الكوارث في عكار برئاسة محافظ عكار عماد لبكي.
ad

ويبدو ان امكانيات المؤسسات التي استقبلت النازحين، سواء المجلس الاسلامي العلوي او بلديات سهل عكار او “الرابطة الاسلامية الخيرية” العلوية محدودة، لكن رئيس المجلس الشيخ علي قدور اجرى مروحة اتصالات ولقاءات لشرح مسألة النزوح، فزار الرؤساء الثلاثة وسفراء السعودية وتركيا وفرنسا.

وكان الشيخ قدور قد استقبل رئيس منظمة “تيكا” في لبنان أونور غيز، حيث جرى عرض موضوع النازحين من الساحل السوري، واستمع غيز الى شرح مفصل عن الصعوبات التي يواجهها المجلس في موضوع تأمين الحاجيات الاساسية للنازحين، ونوه قدور بدور المنظمة الإنساني في الازمات.

وكان قدور زار على رأس وفد من المجلس الرئيس نواف سلام، ‏حيث شرح تفاصيل ازمة النزوح المستجدة، وخاصة بعد المجازر التي وقعت في الساحل السوري. وقال قدور: “ان اللقاء كان ايجابيا جرى فيه عرض اوضاع النازحين، وانعكاسات الاحداث في سوريا على لبنان عامة، وعن حركة النزوح الكبيرة الجارية من سوريا إلى لبنان خاصة إلى شمال لبنان، حيث بلغ عدد النازحين منذ 6 آذار حتى هذه اللحظة حوالي 40 ألفا أو يزيد”، واضاف “تمنينا على دولته أن يلفت نظر عنايته إلى هؤلاء، وان تتعاطى المنظمات الأممية معهم كما تعاطت مع أسلافهم، اي مع النازحين الذين أستقبلهم لبنان منذ 15 آذار 2011″.

بلدات وقرى عكار ذات الغالبية العلوية، باتت مكتظة بالنازحين من سهل عكار الى جبل محسن والكورة ومجدليا، حيث انسباء واقارب واصدقاء ومعارف لهم، وبين النازحين عائلات لبنانية كانت تقيم اصلا في القرى السورية الحدودية منذ عشرات السنين، جرى تهجيرهم اثر نهب ممتلكاتهم ومنازلهم، وفق ما اوضحه الشيخ أحمد عاصي مدير مكتب رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ علي قدور.

ويؤكد الشيخ عاصي لـ”الديار” “ان الرقم غير النهائي لاعداد النازحين تجاوز الـ 40 ألف نازح، توزعوا بين سهل عكار والدريب وجبل محسن ومجدليا وضهور الهوا ودده في الكورة، وان النزوح لا يزال مستمرا بشكل يومي، بغياب لافت للمنظمات الانسانية الدولية، باستثناء الصليب الاحمر اللبناني الذي وقف بجانب النازحين مساعدا منذ اللحظة الاولى، والرابطة الخيرية الاسلامية العلوية التي استنفرت من اللحظة الاولى، وبادرت الى مساعدة النازحين بشكل غير مسبوق”.

ويوضح “ان ادارة الكوارث في عكار برئاسة المحافظ المحامي عماد لبكي بادرت وبسرعة الى اتخاذ تدابير سريعة، لمساعدة النازحين وتقديم فرش وبطانيات ومواد تنظيف ومواد غذائية، ولا بد هنا من تقديم الشكر للمحافظ لبكي الذي كان متفاعلا ومتجاوبا مع حالة النزوح، وايضا عقد محافظ الشمال رمزي نهرا اجتماعا لادارة الكوارث في الشمال، وهو بصدد اعداد البيانات لتقديم ما يلزم… كما زارت مسؤولة الامم المتحدة لغوث اللاجئين، مقر المجلس الاسلامي العلوي للاطلاع على الوضع الانساني للنازحين، ولاعداد الداتا والبيانات، ووعدت بتقديم المساعدات الاغاثية اللازمة”…

ويلفت “ان النازحين في الشمال هم برعاية المجلس على كل المستويات، بدءا من الايواء الى تقديم الفرش والاغطية والبطانيات والادوية ضمن الامكانيات المتاحة، وان المجلس يتلقى هبات ومساعدات من ابناء الطائفة في المغتربات ومن المتمولين، حيث يقوم المجلس بتوزيع عادل للهبات المالية، رغم ضآلتها على العائلات، فبحصة تسند خابية، حيث لا يتوفر لدى المجلس صندوق مالي متمكن”…

ويناشد الشيخ عاصي الحكومة اللبنانية “الالتفات سريعا الى العائلات اللبنانية التي نزحت قهرا، بعد احراق منازلها في القرى السورية وجرى تهجيرهم، ولا يملكون في لبنان المأوى وخرجوا بثيابهم لا يملكون المال، ولا قدرة لهم على تأمين القوت اليومي والدواء، ويشكل اللبنانيون 25 بالمئة من مجموع عدد النازحين”.

كما ناشد الدولة اللبنانية “الالتفات انسانيا الى موجة النزوح المستجد هربا من الموت المحتم، خاصة وان مراكز الايواء في عكار وجبل محسن باتت تغص بالوافدين، عدا عن الاكتظاظ غير المسبوق في منازل الانسباء والاقارب بما يفوق قدرة العائلات الفقيرة”، ويلفت الى “ان النازحين فقراء ومن المزارعين ولجأوا الى قرى سهل عكار، التي هي في غالبيتها قرى فقيرة ومحدودة الدخل”.

بأسى يشرح الشيخ عاصي، “ان ابناء الطائفة العلوية يتعرضون لحرب ابادة شاملة، رغم انهم سارعوا دون تأخير الى تسليم اسلحتهم وتسجيل اسمائهم في مكاتب التسوية التي حددت لهم، وحين اصبح الجميع عزّل، اطلقت عمليات الذبح والابادة والقتل الجماعي المنافية لكافة الشرائع الدينية والانسانية في العالم”.

لماذا غاب المجلس الاسلامي العلوي عن اللقاء السياسي الروحي في دارة الرئيس ميقاتي؟

يقول الشيخ احمد عاصي انه “جرى دعوة المجلس الى اللقاء، ولكن ارتأينا عدم الحضور نظرا لضبابية الاعلان الختامي، الذي سمي اعلانة طرابلس، وجرى التواصل مع الرئيس ميقاتي ومستشاريه لتزويدنا بمسودة البيان المزمع اعلانه، لكنهم تخلفوا عن تزويدنا به، خاصة واننا قرأنا عنه في بعض وسائل الاعلام، فرأينا ان نص الاعلان لا يخدم الطائفة التي تتعرض للقتل والابادة”.

وتابع : “فحوى اللقاء تأييد لحكومة الادارة الجديدة في سورية وثناء على جهودها، في وقت تقود فيه حملة ابادة ممنهجة. اما في ما يتعلق بالمذابح فادانت ما اسمته ( اعمال العنف) الامر الذي يوحي بالمساواة بين الجلاد والضحية، ولاجل ذلك لم يحضر رئيس المجلس الشيخ علي قدور، كما لم يحضر نائبا الطائفة حيدر ناصر واحمد رستم، مع كل الاحترام والتقدير للرئيس ميقاتي بما هو رمز وطني، ولكل المجتمعين الاحترام والمحبة”.

بدوره، اوضح رئيس “الرابطة الخيرية الاسلامية” العلوية نور الدين عيد “ان الرابطة قدمت ارضا في بلدة الريحانية في عكار مساحتها 7000 متر مربع لانشاء مخيم للنازحين، حيث باتت القاعات والمزارات والمنازل مزدحمة جدا بالعائلات النازحية، بما يفوق قدرة المجتمع المضيف الفقير اصلا، وان المقترح ينتظر موافقة الحكومة اللبنانية لتباشر الامم المتحدة بانشائه”.

وقال ان “الرابطة بامكانياتها المحدودة وبالتعاون مع الصليب الاحمر تقدم ما تستطيع من مساعدات، فيما برنامج الغذاء في الامم المتحدة وبالتعاون مع كاريتاس تقدم وجبة غذائية ساخنة يوميا”.. واوضح انه “سجل عبر رابط الرابطة حتى اليوم 5300 عائلة موزعين بين الشمال وبيروت ومناطق لبنانية اخرى، وهناك الكثير من العائلات لم تتسجل حتى الآن”.

ويأسف انه “لغاية الآن ليس هناك مسح جدي وموضوعي وشامل لعدد النازحين، سيما وان خلية الازمة التي يترأسها محافظ الشمال لم تطلب من الرابطة المشاركة باجتماعاتها وهي المعنية بالنازحين”. وقال ان “الرابطة سجلت في جبل محسن لوحدها 2300 عائلة”.

من جهة ثانية، اوضح رئيس بلدية المسعودية علي العلي ان “عدد النازحين في البلدة بلغ حتى ليلة امس ألف عائلة اي ما يقارب الـ 5000 الف فرد موزعين في البلدية والمدرسة القديمة وقاعات المسجد والمنازل، حيث يوجد 80 عائلة في منزل واحد”.

وقال:” الشكر للصليب الاحمر و”الرابطة الخيرية الاسلامية” العلوية لتقديمهما المساعدات، وايضا الشكر لمحافظ عكار عماد لبكي الذي كان من المبادرين الاوائل لتوفير المساعدات”.

واضاف: “ان المجلس الدانمركي زار امس البلدية وقدم مساعدات اولية، على امل توفير المساعدات اللازمة وفق الحاجات، اضافة الى زيارة وفد من اطباء بلا حدود لمعاينة المرضى وتقديم الدواء”. واكد “ان ارقام النازحين تتغير من ساعة لاخرى”. كما لفت الى “مبادرات في بلدة ببنين وفي بلدة عندقت اللتين احتضنتا ايضا نازحين، مما يؤكد وحدة العيش المشترك وشكل نموذجا للوحدة الوطنية بين مكونات عكار ونسيجها الاجتماعي”.

اترك تعليق