تُشكّل عمليات اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تكررت مرتين خلال أقل من أسبوع، منحى خطرا في تسلسل الاحداث على جبهة الجنوب. فنفي حزب الله اي علاقة له بالموضوع وتنبيه مقربين منه الى مخططات معينة خلف هذه العمليات يُفاقم خطورتها خاصة في حال تبين ان اسرائيل تقف خلفها لتقديمها كمبرر لجولة جديدة من الحرب على لبنان تسير بالتوازي مع الجولة التي انطلقت في غزة منتصف الشهر الحالي او لممارسة ضغوط قصوى على لبنان لسلوك مسار التطبيع الذي اعلن صراحة رئيس الحكومة نواف سلام كما امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله رفضه بالمطلق.
ad
ويوحي التصعيد الاسرائيلي الكبير الذي يلي كل عملية من هذا النوع بمخطط اسرائيلي ما لم تتضح معالمه الكاملة بعد. فرغم التزام الطرف اللبناني ببنود اتفاق وقف النار كاملة وتجنب حزب الله اطلاق رصاصة واحدة منذ اليوم الاول لنفاذ الاتفاق، وامعان العدو بالمقابل في اعتداءاته وخروقاته دون حسيب او رقيب، يبدو ان حتى هذا السيناريو لم يعدّ يلبي طموحاته، لذلك يلجأ الى تصعيد قد يمهد لجولة جديدة من الحرب.
ويصف العميد المتقاعد منير شحادة، المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى “اليونيفيل”، الصواريخ التي تُطلق بـ “الصبيانية المشبوهة والمفتعلة والتي لا يستفيد منها الا العدو الاسرائيلي” مشددا في تصريح لـ “الديار” على انها “لا تفيد المقاومة ولا تفيد لبنان ولا حتى من يناهض المقاومة”. ويضيف:”للمرة الثانية يسقط معظم هذه الصواريخ في الأراضي اللبنانية والجزء الكبير يتم التصدي له، فتقوم اسرائيل برد عنيف على لبنان وفي العمق وتقصف بيروت حتى”.
ويعتبر شحادة ان ما يحصل في هذا المجال يندرج في سياق “زيادة العنف للضغط على لبنان اولا لدفعه الى التطبيع مع اسرائيل، وارضاخ المقاومة وتجريدها من سلاحها ودفع اثمان بالسياسة في الداخل كما الاطباق على المقاومة من كل الاتجاهات وبالتالي ما شهدته الحدود الشرقية مؤخرا ليس منفصلا عما يحصل… فبرأي اسرائيل آن اوان القضاء على المقاومة بشكل كامل وهذا لن يحصل”.
ورغم الجهود والضغوط الكبيرة التي يتولاها لبنان الرسمي ممثلا برئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام لحث اسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها ووقف خروقاتها للاتفاق، الا انه لا يمكن الحديث عن اي مفاعيل على الارض حتى الساعة.
وبحسب المعلومات فان الرئيس عون يعوّل على دور يؤديه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في ممارسة كل الضغوط اللازمة على تل ابيب لتنفيذ الاتفاق. لكن ما يهدد بذهاب كل هذه الجهود سُدى هو الموقف الاميركي المتشدد والغطاء الذي تمنحه واشنطن لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لتنفيذ اجندته سواء في غزة او في لبنان.
ad
والمؤكد ان الزيارة المرتقبة للمبعوثة الاميركية مورغان أورتاغوس الى بيروت الاسبوع المقبل ستكون مفصلية في هذا المجال واتضاح مدى تمسك واشنطن بالدفع باكرا للتطبيع. وليس مستبعدا ان تكون “الصواريخ اللقيطة” ضغوطا تمارس بالميدان قبل الرسائل السياسية الحاسمة التي تحملها اورتاغوس.