عكست لقاءات نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، في بيروت، توسعة لاهتمامات واشنطن تجاه الوضع اللبناني؛ من الملف الأمني المتصل بـ«حزب الله» والاستقرار على الحدود الجنوبية، إلى ملف الإصلاحات المالية والإدارية، وحملت من بيروت مقاربة أخرى للمفاوضات مع إسرائيل، تعطي الجانب الأميركي دوراً أساسياً عبر «الدبلوماسية المكوكية» لحل النزاع القائم وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتسوية الملفات الحدودية.
وعقدت أورتاغوس، السبت، في بيروت اجتماعات وُصّفت بأنها «بنّاءة» و«إيجابية» مع كبار المسؤولين اللبنانيين، يتقدمهم الرئيس اللبناني جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس البرلمان نبيه بري. وتأتي زيارة أورتاغوس الثانية إلى لبنان على وقع عودة الجدل بشأن نزع سلاح «حزب الله» إلى الواجهة، في وقت تواصل إسرائيل فيه شن غارات على جنوب وشرق لبنان رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
أمن وإصلاحات
ولم تظهر المباحثات اهتماماً حصرياً لواشنطن بالملف الأمني على الحدود الجنوبية والشرقية، بل توسعت إلى الجانب الإصلاحي، وهو ما أظهرته بيانات الرئاسات الثلاث في بيروت؛ إذ أشارت الرئاسة اللبنانية إلى مناقشات طالت «الإصلاحات المالية والاقتصادية لمكافحة الفساد»، إلى جانب الوضع الأمني، فيما «زوّد بري الموفدة الأميركية بقائمة تتضمن 18 قانوناً إصلاحياً أنجزها المجلس النيابي»، حسبما أعلنت رئاسة البرلمان.
من جانبها، أثنت أورتاغوس، بحسب المكتب الإعلامي لسلام، «على خطة الحكومة الإصلاحية، لا سيما الخطوات التي باشرت بها». ولفتت مصادر قريبة من القصر الحكومي إلى أن الحديث في لقائها مع الرئيس سلام «بدأ من ترحيبها بالخطة الإصلاحية التي عملت عليها الحكومة، ووصفت سلام بأنه صلب وثابت على المبادئ ومصمم على إنجاز الإصلاحات».
كما تطرقت المسؤول الأميركية إلى «ضرورة استكمال تطبيق قانون رفع السرية المصرفية» الذي أقرته الحكومة وحولته إلى البرلمان لإقراره، فضلاً عن «خطة إصلاح المصارف وإعادة هيكلتها» التي بدأت الحكومة مناقشتها، الجمعة، وسيُستكمل النقاش فيها الثلاثاء المقبل. كما رحبت أورتاغوس بـ«موضوع آلية التعيينات»، وعدّتها «مؤشراً إيجابياً من الحكومة»، حسبما قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط».
كما تطرقت أورتاغوس إلى ملف «الإجراءات المهمة لضمان سلامة الطيران المدني والمسافرين» في مطار رفيق الحريري الدولي، في إشارة إلى تعزيز الإجراءات وإبعاد مقربين من «حزب الله» منه، إضافة إلى الملف الأمني.
دبلوماسية مكوكية
وفي الملف الأمني والعسكري، قالت المصادر إن أورتاغوس أبلغت الجانب اللبناني أن «كل ما يريده لبنان من نمو واستثمارات وتحسين للوضع الاقتصادي يجب أن يترافق مع الاستقرار»، مشددة على «حصرية السلاح في يد القوى الشرعية اللبنانية وتكثيف عمل الجيش اللبناني». وفي المقابل، أكد لها المسؤولون اللبنانيون «أهمية الانسحاب الإسرائيلي من لبنان ليساعد الدولة في تقوية موقفها وبسط سيطرتها وسلطتها على كافة أراضيها».
وفي شأن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي لا تزال تحتلها إسرائيل، ووسط دفعها لمفاوضات مباشرة تشمل توسع اللجان من عسكرية إلى مدنية، أبدت المسؤولة الأميركية مرونة، وتعاملت مع الأمور بواقعية، خصوصاً أن لبنان يرفض المفاوضات المباشرة وتوسعة اللجان من عسكرية إلى مدنية ودبلوماسية.
وقالت المصادر: «كانت هناك مقاربتان طرحهما لبنان، تتمثل الأولى في اعتماد الدبلوماسية المكوكية، بمعنى أن تتولى أورتاغوس نقل الرسائل بين الطرفين في بيروت وتل أبيب»، وهي الآلية التي اعتمدها سلفها، آموس هوكستين، وأدت إلى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي.
أما المقترح الثاني «فيتمثل في إيكال المهمة إلى اللجنة العسكرية التقنية»، وهي اللجنة التي اعتُمدت لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2022. وقالت المصادر إن اقتراح «الدبلوماسية المكوكية» تعاطت معه أورتاغوس بجدية.