بدأ رئيس مجلس الوزراء نواف سلام أمس رسمياً رحلة تأسيس العلاقات اللبنانية السورية. وأثمرت زيارته إلى دمشق على رأس وفد وزاري ولقاء الرئيس السوري أحمد الشرع برنامج عمل مشتركاً، يكاد يكون الأول من نوعه منذ نيل لبنان وسوريا استقلالهما في أربعينات القرن الماضي، كما أنه البرنامج المصحّح للعلاقات الثنائية بعد التشوه المتمادي من النظام الأسدي الذي جثم على صدور السوريين واللبنانيين على مدى أكثر من نصف قرن.
واكتسب يوم الزيارة الحكومية اللبنانية لسوريا بعداً لافتاً، بوصول موفد المملكة العربية السعودية الأمير يزيد بن فرحان المُكلف بالملف اللبنانيّ إلى بيروت، حيث استقبله صباحاً رئيس الجمهورية جوزاف عون. ثم التقى بن فرحان الرئيس سلام مساء بعد عودة الأخير من دمشق.
تقول مصادر وزارية لـ «نداء الوطن»، إن زيارة رئيس الحكومة إلى دمشق والوفد الوزاري المرافق الذي ضم وزراء الخارجية يوسف رجي، الدفاع ميشال منسى والداخلية أحمد الحجار، تمثل تطوراً كبيراً يستكمل لقاء سلام مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أول أيام عيد الفطر. وقد تولت الرياض الرعاية الكاملة للقاء اللبناني السوري أمس. وقارنت المصادر بين زيارة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي إلى دمشق في آخر أيام الحكومة السابقة وبين زيارة الرئيس سلام أمس فقالت: «دخل ميقاتي سوريا من أنقرة، أما الآن فقد دخل سلام إلى دمشق من الرياض».
وإذ أشارت المصادر إلى أن زيارة سلام إلى دمشق تمثل الخطوة الثانية بعد لقاء الرئيسين اللبناني والسوري على هامش القمة العربية في القاهرة، قالت إن هذا التطور أثار حفيظة جماعة الممانعة، لأن ترتيب العلاقة بين لبنان وسوريا يتم انطلاقاً من السقف السعودي، وتالياً العربي ما يمأسس هذه العلاقة بكل أبعادها بدءاً من البعد الحدودي وصولاً إلى انتظام العلاقات بين البلدين .
وخلصت المصادر إلى التأكيد أن لبنان يمضي قدماً في مسار ترتيب الأمور جنوباً عبر الرعاية الأميركية بإحياء اتفاق الهدنة، وترتيب الأمور مع سوريا برعاية سعودية بما يقفل كل الملفات التي فتحت بعد الانقلاب على «اتفاق الطائف» عام 1991 ضمن التواطؤ السوري الإيراني لوضع اليد على لبنان.
ووصفت مصادر السراي الحكومي لـ «نداء الوطن» أجواء زيارة الرئيس سلام إلى سوريا واللقاء مع الرئيس أحمد الشرع، بالإيجابية جدّاً، على اعتبار أنّ ما يجري الآن بين البلدين هو فرصة لتصحيح مسار العلاقات اللبنانية – السورية على قاعدة حسن الجوار واحترام البلدين سيادة بعضهما البعض، حيث بحثا في كل الاتفاقيات التي يمكن أن يستفيد منها البلدان، في قطاعات الاقتصاد والزراعة والاستثمار في مجال استجرار النفط والغاز وتفعيل خطوط الطيران والترانزيت والتجارة.
كما تطرق الجانبان إلى ملف المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، وكذلك ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، واتفقا على أن تتولّى لجنة مشتركة متابعة هاتين المسألتين. كذلك ناقش سلام والشرع، بحسب مصادر السراي، موضوع مطالبة لبنان السلطات السورية بتسليمها بعض المطلوبين للقضاء اللبناني المتهمين بارتكاب جرائم في لبنان، مثل تفجير مسجدَي التقوى والسلام واغتيال الرئيس بشير الجميل واغتيال الزعيم كمال جنبلاط وغيرها من التفجيرات.
واتفق الطرفان اللبناني والسوري على أن تكون هناك لجنة وزارية بين البلدين لمتابعة كل هذه الملفات، إضافة إلى ترسيم الحدود وضبط الوضع الأمني والمعابر الشرعية وإغلاق المعابر غير الشرعية ومنع التهريب وترسيم الحدود.