قد يكون تاريخ الثامن من أيار عادياً بالنسبة للبعض، لكنه بالنسبة لكثيرين سبب تاريخ ميلاد جديد. قد لا يعرف الجميع أنه في هذا اليوم من العام 1828، وهب الله البشريّة نعمة ولادة شربل مخلوف، الذي شاء الله ان يقلب حياته رأسا على عقب فقال له الراهب: لتكن مشيئتك، وعمد بدوره الى تغيير حياة الآلاف من البشر في كل أنحاء العالم.
شهادات لا تعد ولا تحصى عن اعمال هذا القديس تزين سجل دير مار مارون عنايا، وهي مستمرة يوما بعد يوم وفي ما يلي إحداها.
يمكن للمرء أن يصل إلى أسفل دركه ويُمكن للحياة، التي تعدّ عزيزة جداً على أي إنسان، أن تنتهي في ثوانٍ، كما يمكن في اللحظة نفسها للعناية الالهية أن تتدخّل لتنقذ الإنسان من مصير محتوم. نعم هذا قد يحصل والمرء لا يستطيع فعل شيء خارج الطبيعة عند حصول المحظور سوى التضرّع والصلاة، ولكن مع شربل قد يتحوّل مصير الإنسان وتنقلب حياته في لحظة فقط.
فعل شربل فعله في ايشاك أنطوني الخوري في فرنسا، في كانون الثاني من العام الحالي، الشاب الذي تعرّض لحادث مميت في العاصمة الفرنسية باريس حين كان يذهب سيراً على الاقدام إلى مكان عمله، صدمته سيارة كانت تُقدّر سرعتها قرابة 100 كلم في الساعة، تحطّمت الجمجمة وأصيب بورم ونزيف داخليين في الرأس، ودخل في غيبوبة لأكثر من عشرة أيام، وبعد أن استفاق كان فاقد السمع والرؤية.
يروي ايشاك الحادثة وكأنّها شاخصة أمام عينيه، بالكاد يستطيع الحديث. ويقول انّ “الأطباء في فرنسا أعدّوا تقرير وفاتي وأكدوا عدم وجود أمل بنجاتي، وحتى هذه اللحظة لم يكن أحد من أهلي قد حضر، بعد أن طلبت والدتي وشقيقتي فيزا مستعجلة”، ويضيف: “حين وصلت أمّي إلى المستشفى في باريس، وضعت لي صورة القديس شربل تحت الوسادة ودهنت جبيني بزيت ودم القديس شربل.. وفجأة استيقظت”.
يضيف: “لم يصدّق الأطباء هناك ما حدث وأكدوا أنني سأعاني حتماً من إعاقة، ولكن بشفاعة القديس شربل خرجت من الحادث دون إعاقة، والتقارير الطبّية تشهد وتؤكّد على أن الورم الّذي نجم عن الحادث في الدماغ إختفى وتبخّر فجأة”.
لا يخفي ايشاك أنه يشعر بصعوبة بالكلام عمّا حدث معه: “أنا لا أتذكر شيئاً من تلك اللحظات ولا أريد تذكّرها، أشعر بمرارة، فلم أخرج بعد من الحادث”، وقد يكون بسبب الصدمة الّتي نتجت عمّا حصل، ويتابع، “حاولت العديد من وسائل الاعلام التحدث معي حتى خارج لبنان، من هولندا وفرنسا، لكني رفضت ذلك، ويؤكّد، “أعرف أنه لا يمكن أن أستمر هكذا، فالكلام عمّا حصل فيه شكرٌ للقديس شربل على ما قام به معي. اليوم إتصلتي (كاتبة المقال) ولا أعرف لماذا قبلت بالكلام، علماً أنها المرّة الأولى التي أقبل بها للحديث عمّا حصل معي ولا أعرف لماذا وافقت”.
إنتهى الكلام مع ايشاك عند هذا الحدّ، وعندما اقفلت سمّاعة الهاتف عدت إلى اللحظة التي اتصلت بها بهذا الشاب، فعلاً لا أعرف لماذا؟ استوقفتني أعجوبته وشعرت فجأةً بوجوب الحديث معه هو، كان مجرّد إحساس تملّكني، وطيلة الوقت كنت أسمع مندهشة وأقول “ما أعظم هذا القديس”…
في كلّ مرّة أرفع السماعة لآخذ موعداً لكتابة تقرير عن عجائب “شفيعي” وشفيع الكثيرين، أجدني يخبّئ لي مفاجأة قد لا أكون أستحقها. يحمّلني مسؤولية كبرى فهو يختار أن تكون ربما نشر هذه الأعجوبة من خلالي. وحقيقة القول أنّها ليست المرّة الأولى التي تحصل معي، حتى انني أصبحت على قناعة وثقة تامّة بأنه إذا لم يكن هناك من رسالة فلن يُكتب التقرير ولن يكون، أقلّ ما أستطيع فعله هو الشكر على هذه الثقة لفاتح باب السموات من أجل الكثيرين ولمجد الله!.