المراوحة السياسية على حالها ولا جديد يُذكر على خط الاستحقاق الرئاسي، في وقت تستمر اللقاءات الثنائية والدبلوماسية التي تبحث في سبل للخروج من الأزمة من دون تبلور صورة واضحة بعد.
وفي هذا السياق، أنهى نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب المرحلة الأولى من مبادرته، بعدما التقى الكتل النيابية، وبدأ مرحلة بلورة الأفكار واستخلاص النتائج بعد الاجتماعات التي عقدها، كما وعد بنتائج “ممكنة” خلال مهلة 10 أيام. وفي هذا السياق، التقى بو صعب رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط، وبرئيس مجلس النواب نبيه بري، وبعدد من النواب المستقلين، عارضاً همية الحوار والتلاقي من أجل إنتاج التوافق المطلوب الذي يوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
أمين سر كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب هادي أبو الحسن أشار إلى أن “بو صعب يُحاول أن يجمع الأطراف السياسية على فكرة التلاقي ضمن إطار حواري معيّن، يوصل في ختام المشوار إلى انتخاب رئيس للجمهورية، والاتفاق على شكل برنامج عمل، بالإضافة إلى تنفيذ الإصلاحات المطلوبة”، كاشفاً أن “الفكرة لم تكتمل، لكن ثمّة نتائج متوقّعة خلال مهلة 10 أيام”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت أبو الحسن إلى أن “المبادرة ليست الأول، فقد كان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط سعى إلى الحوار وأطلق مبادرة الأسماء الثلاثة وطوّرها، وكذلك الأمر فعل الرئيس برّي حينما دعا للحوار، ولا بد من النظر إلى اي مبادرة للحوار بإيجابية وتقدير، ودعوة كافة الأطراف دون استثناء لتحمّل مسؤولياتها”.
وكشف أبو الحسن أيضاً عن “عدم وجود رفض من قبل الأطراف للمبادرة حتى الساعة”، لكنه أشار إلى أن “الأفكار تحتاج إلى المزيد من البلورة لتحديد ماهية الحوار، وما إذا كان سيكون شكله تداولاً بين الأطراف السياسية، أو طاولة حوار لرؤساء الكتل النيابية”، مشدّدا على 3 نقاط، “وهي وجوب تحديد إطار الحوار، وجوب تحديد العناوين على ألا تكون فضفاضة وكثيرة، ووجوب تحديد مدىً زمنياً أيضاً”.
إلى ذلك، جولة تصعيد جديدة شهدتها فلسطين المحتلّة أمس، بعدما نفّذت إسرائيل عملية أمنية أدّت إلى مقتل ثلاثة قياديين في حركة “الجهاد الإسلامي”، بالإضافة إلى عدد من المدنيين بينهم أطفال ونساء، لتتوعّد الحركة وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية الرد على الهجوم. لا ينفصل الحدث عن مسار التصعيد الذي يشهده الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كما لا ينفصل عن العمليات الأمنية التي تنفّذها إسرائيل في الداخل والخارج، وعلى سبيل المثال لا الحصر، اغتيال قيادي في “الجهاد الإسلامي” قبل أسابيع في سوريا.
وفي حين تترقّب إسرائيل الرد الذي توعّدت به الفصائل، بينها “الجهاد الإسلامي” وحركة “حماس”، كان ثمّة تشديد من قيادات “حماس”، وبالتحديد خالد مشعل، على قوّة الرد وتعدّد جبهاته من الداخل والخارج، ودعوة لكافة فصائل المقاومة للمشاركة فيه، في إشارة إلى احتمال انخراط “حزب الله” كونه جزءاً من المحور الذي تنتمي إليه الحركتين المذكورتين سلف، ولا ينفصل ذلك الواقع عن الكلام الذي انتشر حول مساعي إيران لتوحيد ترسانتها العسكرية في الدول التي تُسيطر عليها.
في هذا السياق، أكّد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن هشام جابر عزم الفصائل الفلسطينية الرد على العملية الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الردّ سيكون بالأسلوب الذي عرفناه سابقاً، بمعنى ألا ضربة عسكرية، بل عمليات أمنية، وجولات صواريخ “محتملة” على مناطق إسرائيلية في محيط غزّة.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، توقّع جابر المزيد من التصعيد بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، ولفت إلى أن المواجهة قد تنتقل إلى الأراضي اللبنانية وغيرها خارج فلسطين عبر تنفيذ عمليات اغتيال ضد قيادات فلسطينية، لكنّه استبعد انخراط “حزب الله” في الصراع الدائر بين الطرفين، لأن برأيه، ليس من مصلحة الحزب المشاركة بأي شكل من الأشكال، والحديث عن وحدة الجبهات لا يتعدّى كونه كلام إعلامي.
وإذا كانت الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة والتوتر الذي تعيشه حكومة العدو بسبب الأزمات التي يواجهها بنيامين نتنياهو، تبعث على القلق من احتمالات إقدام العدو على مزيد التصعيد، فإنّ ذلك مدعاة تحفيز لمزيد من مبادرات التلاقي محلياً ، على أمل أن تتحمّل الأطراف السياسية المعنية مسؤولياتها، وتعي أهمية الحوار لإنجاز التوافق وانتخاب رئيس للجمهورية، لأن دونه لا نتائج إلّا الفراغ والمزيد من الدمار، ويترافق ذلك الرجاء مع أمل بألا يكون لبنان ساحة تصعيد ورسائل بين إيران وإسرائيل، في ظل تسخين الجبهات أكثر بين الطرفين.