أما وقد انتهت قمة جدة العربية، وصدر البيان الختامي عنها، فإن أجواء الداخل مستمرة على حالها من الفرملة، وثمة صعوبة كبيرة للتوصل إلى أي حل أو خرق للاستحقاق الرئاسي بانتظار تبلور بعض المحطات الداخلية والخارجية، إذ ينقل أن بعض الأسماء الأساسية التي كانت مطروحة ومحور توافق بين القوى المسيحية على اختلافها، طارت من المعادلة، فيما عاد الحديث عن مرشحين آخرين، على أن يكون الأسبوع المقبل حاسماً على صعيد ما أسفرت عنه المساعي واللقاءات التي جرت مؤخراً بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، لكن، ومن خلال ما يقوله نائب شارك في هذه الإتصالات، بأن ما جرى لن يؤدي إلى أي نتيجة إيجابية، والجميع يدعو إلى اعتماد ما حصل في انتخابات العام 1970 التي جرت بين الرئيسين الراحلين سليمان فرنجية والياس سركيس، ما يعني أن هناك استحالة لتوافق «القوات» و»التيار الحر». وبناءً على هذه الأجواء وصعوبة الإجماع على مرشح واحد من قبل هذه القوى، فإن الجميع بات يراهن على تسوية، ولا سيما أنه تسرب إلى بيروت من أروقة قمة جدة، إشارات تعبّر عن المخاوف والقلق من قبل العديد من الزعماء والقادة العرب من الوضع في لبنان. ولهذه الغاية، فإن ما صدر عن أحد السفراء الخليجيين السابقين في لبنان، مؤشّر واضح بما معناه أن هناك صعوبة في انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، وثمة خطورة كبيرة تحيط بهذا البلد الذي يحتاج إلى وصاية، ويقصد هنا، أن الحل يجب أن يكون من ضمن تسوية خارجية عربية ـ دولية، لأن الصعوبات التي تواجه التوافق بين مكوّنات المجتمع اللبناني دليل واضح على أنه لا مناص إلا بتدخل خارجي، وأكثر من ذلك، أن يكون هناك وصاية، بمعنى أن يتم وضع اليد على كل المؤسّسات، وتحديداً الوزارات المختصة من المال إلى كل ما يرتبط بمصالح الناس بصلة، بعد الهدر الواسع النطاق الذي حصل في هذا البلد. وخلاصة هذا الكلام الديبلوماسي، أن جميع من يعملون للتسوية يدركون دقة الوضع الداخلي، وفي الوقت عينه، يبدون قلقهم وهواجسهم من ذهاب الأمور إلى أكثر مما هي عليه بكثير.
وفي المعلومات أيضاً حول الحراك الذي يحصل على غير خط، ينقل أن البطريرك الماروني بشارة الراعي، سيكون صريحاً إلى أبعد الحدود خلال لقائه الرئيس إيمانويل ماكرون في الإيليزيه، وثمة من يشير إلى أن سيد بكركي سيصارح الرئيس الفرنسي، وسيكون حازماً أمامه، إذ يعوّل على هذا اللقاء بشكل قاطع، لا بل أنه سيشرح له تفاصيل الوضعين المسيحي والوطني في لبنان، ويعاتبه من باب الحرص على العلاقة التاريخية التي تربط فرنسا بلبنان بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص، وسيدعوه إلى الإقدام فوراً على القيام بدور استثنائي لإنقاذ لبنان وانتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن، لا بل أن أحد المحيطين ببكركي، أكد أن هذه الزيارة ستكون تاريخية ومفصلية، لأن البطريرك الراعي، وفي ظل ما يعانيه لبنان وشعبه، ووسط تفكّك دولته وحالة الانهيار التام التي أصابته، لن يسكت بعد اليوم، داعياً لترقّب ما سيقوله لماكرون، دون أي مواربة وديبلوماسية بل ان السقف سيكون عالياً إلى درجة كبيرة.
Ads by Ad.Plus
لذا، فإنه، وأمام هذه الأجواء والمؤشرات، فإن العيون شاخصة باتجاه الخارج، ويمكن الحسم بأن الأسابيع الثلاثة المقبلة ستحمل الكثير من المعطيات، وربما المفاجآت، ولكن ستنتج تسوية وينتخب الرئيس قبل خراب البصرة.