منذ توقيفه عام 2016 بتهمة بالانتماء إلى تنظيم «داعش» وتنفيذ عمليات تفجير ضد الجيش اللبناني، لم يُستجوب أحمد يوسف أمون الملقّب بـ«الشيخ» سوى مرة واحدة. أمس، أصر رئيس المحكمة العسكرية الدائمة العقيد خليل جابر على السيْر في كل ملفات «الشيخ» التي قسّمت إلى 6 قضايا، باستثناء واحدة أُرجئت إلى 12 تمّوز المقبل. وفي الحصيلة، نال «الشيخ» 4 أحكام بالسجن المؤبد، والإعدام في قضيّة قتل 3 عسكريين في محلّة المصيدة في عرسال في أيلول 2014
ad
بكثير من «الصراحة»، سرد الموقوف أحمد أمّون المعروف بـ«الشيخ» كل ما أقدم على فعله إبان الحرب السورية. لم ينكر انتماءه إلى «كتائب الفاروق» وقيادته مجموعة من المسلّحين يفوق عددها الـ100 كان مركزها في جوسيه، قبل أن تنتقل لقتال الجيش السوري في يبرود، ولا مشاركته في «طبخ» متفجّرات وإعداد عبوات ناسفة. وأقر في إفادته الأوليّة أمام المحكمة العسكرية أمس أنّ السوري «أبو عبد السلام» طلب منه إخضاع شبّان لدورة تدريبيّة على صنع عبوات لتفجيرها في عسكريي الجيش اللبناني وعناصر حزب الله. وبكل ثقة، أجاب بـ «نعم» على سؤال لرئيس المحكمة العسكريّة الدائمة العقيد خليل جابر عمّا إذا كان قد قام بتطويق بلدة ربلة في ريف القصير السوريّة واحتجز نحو 200 شخص من الطائفة المسيحيّة، مبرّراً ذلك بـ«وجود مشكلة بيننا وبينهم».
(هيثم الموسوي)
وأقرّ أمون أيضاً بأنّ مجلسَي القصير والقلمون فوِّضاه نقل نحو 300 صاروخ غراد إلى عرسال لإطلاقها على مدينة الهرمل، لكنه أشار إلى خلاف بينه وبين مسؤولي التنظيمات الإرهابيّة بعدما اقترح إطلاقها على القصير للتخفيف عنها قبيل سقوطها بيد الجيش السوري. وذكر أنّ قريبه أحمد أمّون الملقّب بـ«البريص» وصله بعدد من مسؤولي «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» الذين كان يُنسّق معهم في بعض الأحيان، وأبرزهم «أبو بكر الرقاوي» و«أبو عبد السلام» و«أبو حسن الفلسطيني».
رغم ذلك، أصرّ «الشيخ» على عدم تورّطه في أي عملٍ أمني في الدّاخل اللبناني، قبل أن «يزلق» ليُعلن مسؤوليته عن بعضها. علماً أن لابن عرسال باعاً طويلة في تصنيع المتفجّرات، مذ كان جندياً في فوج الهندسة في الجيش وخضع لدورات عن الألغام. لكنه شدّد على أن «خبراتي نظريّة وليست تطبيقيّة». وبدا من اعترافاته أنّه كان مسؤولاً عن مُعاونة التنظيمات الإرهابيّة لوجستياً، وأنه يندر أن صُنّعت عبوة ناسفة في عرسال من دون علم «الشيخ» الذي ظهر من الإفادات الأوليّة لعددٍ من موقوفي عرسال أنّها كانت من صناعته.
استهداف الجيش
«الشيخ» الذي أرخى شعر رأسه ولحيته وحف شاربيه، روى تفاصيل استهداف آلية عسكريّة في محلّة المصيدة في عرسال في أيلول 2014 ما أدى إلى استشهاد العسكريين علي الخرّاط ومحمد رضا ضاهر وحمود فاضل. وعلى عكس رواية الموقوف في القضيّة نفسها محمّد عز الدين الذي قال في إفادته الأوليّة إنّ «كل الشرور في عرسال من أمون»، لافتاً إلى أنّ الأخير هو من زرع العبوة بالتعاون مع حسين ياسين الملقّب بـ«أبو علي الصيداوي»، وهو الذي فجّرها بواسطة جهاز تحكّم عن بُعد، زعم أمّون أن أحد الضبّاط المنشقين عن الجيش السوري هو من نفّذ هذه العمليّة، وأنّ «أبو عبد السلام» طلب منه زرع العبوة عند «مصلبيّة وجيه» بالتعاون مع محمّد عز الدين الملقّب بـ«الخوجة» ومحمّد سويدان. ونفى علمه بأنّ العبوة كانت ستستهدف الجيش باعتبار أنّ جهاز التحكم كان مع «أبو عبد السلام»، وأن الاتفاق كان أن تستهدف عناصر تابعة لحزب الله.
طوّق بلدة ربلة السورية ونقل 300 صاروخ إلى عرسال لإطلاقها على الهرمل
ولم يكرّر أمّون إفادته السابقة بأنّ العبوة كانت من ضمن عبوات أخرى (عطّلها الجيش في وادي عطا) اتُفق عليها للثأر من الجيش الذي قتل ابن خاله راكان أمّون، بالتنسيق بين «أبو علي الصيداوي» و«أبو الوليد». وأقرّ بـ«أنني لا أحب الجيش، وقررت الانتقام. إلا أنني لم أفعل شيئاً، كما أن هذا القرار كان ذاتياً ولم يكن جماعياً».
كذلك اعترف «الشيخ» بمسؤوليته عن استهداف محمّد وهبي باعتباره «مخبراً» تنفيذاً لأوامر المسؤولَين في «داعش»، السوري «أبو بكر الرقاوي» و«أبو الوليد»، وأنه حضّر العبوة التي زرعها بالقرب من منزل وهبي في عرسال، وضغط على جهاز التحكّم عن بُعد ما إن وصل الأخير إلى منزله وركن سيارته. إلا أن عطلاً أصاب العبوة، ما استدعى إصلاح أسلاكها ليُكرّر تفجيرها في اليوم التالي من على شرفةٍ قريبة من منزل وهبي الذي انفجرت به العبوة لكنّه لم يُقتل. وبحسب «الشيخ»، فإنّ «أبو الوليد» هو أيضاً المسؤول عن مقتل قُتيبة الحجيري بعدما أطلق النّار عليه بنفسه لاتهامه بأنه ساعد الجيش في توقيف «البريص».
وأكد أمون أنّه ترك العمل العسكري إثر سقوط القصير، بعدما تفرّقت مجموعته العسكريّة، وأنه ولم يُشارك في معارك عرسال. لكنه أقرّ بأن القياديين في التنظيمات الإرهابية «أبو السوس» و«أبو عرب» زاراه في منزله خلال الأحداث. وأضاف: «لم أشارك في المعارك بل تدخلنا لإيقافها لأنها لم تكن لمصلحتنا، وكنتُ ممن أدركوا مسبقاً أنها ستنعكس علينا سلباً»، مؤكّداً أنّه لم يُشارك في الاجتماع الذي دعا إليه مسؤول «النصرة» السوري «أبو مالك التلي» عندما نسّق مع المجموعات الإرهابية لاقتحام 15 قرية شيعيّة.
أما الموقوف حسين ياسين فأنكر أن يكون هو «أبو علي الصيداوي»، مشيراً إلى أنّه من كترمايا – إقليم الخروب وليس من صيدا، وأن لقبه هو «أبو علي اللبناني». ونفى ياسين، وهو خطيب ابنة إبراهيم الأطرش الملقب بـ«كهروب»، أي علاقة له بعمليات التفجير في عرسال، لافتاً إلى أنّه كان من مؤيدي الشيخ أحمد الأسير قبل أن يفر إلى عرسال ويستقر في أحد مخيمات النازحين جاراً لأحمد أمون.
وليلاً، أصدرت المحكمة العسكرية أحكامها، فحكمت على أمون بالإعدام في قضية استهداف آلية عسكرية في أيلول 2014، وكل من محمد قاسم عز الدين وحسين ياسين بالمؤبّد. كما حكمت على أمون وكل من الفارين: ماجد الحجيري الملقب بـ«أبو بكر» وعلي حمزة الحجيري وأحمد حسن الحجيري الملقب بـ«أبو داوود» بالمؤبد في قضيّة زرع عبوة ناسفة وتفجيرها. كما نال «الشيخ» عقوبة المؤبد على قضيتين منفصلتين بتهمة الانتماء إلى تنظيمات إرهابية وارتكاب الجنايات على الناس ومحاولة قتل ضابط وعسكريين.