اتجهت الأنظار أمس إلى باريس ترقباً لنتائج المحادثات التي جرت في قصر الاليزيه بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، في اعتبار انّ أزمة لبنان كانت أحد بنود جدول اعمالها، ويُتوقع في ضوء نتائجها ان يتحدّد مصير الاستحقاق الرئاسي الذي كانت المشاورات السعودية ـ الفرنسية في شأنه قد نشطت طوال الاسابيع الثلاثة المنصرفة.
وأفاد بيان للرئاسة الفرنسية مساء أمس، انّ ماكرون وبن سلمان ذكّرا بـ»ضرورة وضع حدّ سريعاً للفراغ السياسي المؤسساتي في لبنان»، واضافت «انّ عدم انتخاب رئيس منذ ثمانية أشهر يبقى العائق الرئيسي أمام معالجة الأزمة الاجتماعية الاقتصادية الحادة» التي يعانيها لبنان.
وفيما لم ترشح اي تفاصيل اضافية حول لبنان، تترقّب الأوساط السياسية ما سيحمله المبعوث الرئاسي الفرنسي الخاص بلبنان جان ايف لودريان، الذي سيزور بيروت مطلع الاسبوع المقبل.
ولم تستبعد مصادر مطلعة ان يكون الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي توصّلا إلى خلاصات عملية تساعد في إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني في ضوء التقارير التي قدّمها اليهما فريقا العمل المختصان السعودي والفرنسي، في ختام اجتماعاتهما خلال الايام الاخيرة في العاصمة الفرنسية.
ورجّح مصدر نيابي لـ»الجمهورية»، ان تؤدي نتائج المحادثات الى استعجال الخطى الداخلية لانتخاب رئيس جديد قبل نهاية الشهر الجاري، على ضوء المبادرة الفرنسية الشهيرة التي لا تزال قائمة خلافاً لما يروّجه بعض القوى السياسية والكتل النيابية.
ولم يستبعد المصدر ارتفاع حظوظ رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية وكذلك حظوظ الرئيس تمام سلام او السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة الاولى في العهد الرئاسي الجديد، وأن يبادر رئيس المجلس نبيه بري للدعوة الى الجلسة الانتخابية الرئاسية الثالثة عشرة، بحيث تكون ناجزة هذه المرة، واحتمال ان يكون انتخاب الرئيس الجديد عيدية اللبنانيين في عيد الاضحى المبارك.
واكّد المصدر انّ الاتصالات الفرنسية ـ السعودية تتزامن مع اتصالات سعودية ـ سورية، وربما هناك اتصالات فرنسية ـ سعودية ـ سورية مشتركة لم يُعلن عنها رسمياً بعد، وهي تتناول ملف لبنان في جانب منها. وكشف انّ مسؤولاً سورياً رفيعاً سيزور الرياض خلال ايام، في اطار التواصل المستمر بين البلدين.
وكانت وكالة «فرانس برس» أفادت أثناء لقاء الاليزيه، انّه يُتوقّع أن يطلب الرئيس الفرنسي من ولي العهد السعودي أن يستخدم نفوذ السعودية في لبنان لكسر الجمود السياسي الذي أدّى إلى فشل مجلس النواب اللبناني مرارًا في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كان آخرها الأربعاء الماضي، وسط انقسام سياسي يزداد حدّة بين «حزب الله» وخصومه، ويُنذر بإطالة الشغور الرئاسي، على وقع انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
ونقلت الوكلة عن الباحث ديني بوشار، المستشار لشؤون الشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، قوله، إنّ الرياض قد «تلعب دورًا للتخفيف من حدّة موقف «حزب الله»، وذلك من خلال إيران للتوصل إلى حلّ وسطي» في شأن الرئاسة في لبنان». واضاف: «المسألة هي معرفة ما إذا كانت مصالحة السعودية وإيران يمكن أن تساهم في تهدئة الساحة السياسية في لبنان».