لودريان: صعوبات لا تسقط فرنجية

عاد الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بلاده حاملاً معه أثقال «زيارته المتعبة» للبنان، بعدما خرج خالي الوفاض وأخفق في التوصّل إلى ما يسمح بدفع المعنيين في لبنان وخارجه إلى إنتاج إطار للحل. وقبل أن يحزم حقائبه، نقل زوار لودريان عنه أنه سيزور السعودية قبل أن يعود منتصف الشهر المقبل إلى بيروت، وهو أسرّ إلى «أصدقائه» اللبنانيين بأنه لم يكن يتخيّل بأن الواقع بهذا السوء، مُقراً بأنه لم يجِد أي أرضية مشتركة بين القوى السياسية، ولا حتى في ما يتعلق بالحوار «الذي يدعو الجميع إليه ولا أحد يريد أن يبادر للدعوة إليه»، في إشارة إلى رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري تولّي المهمة، وتفادي البطريرك بشارة الراعي «التورط» في هذا الأمر.

خيبة الوسيط الفرنسي عزّزت الانطباع بصعوبة ما كانت باريس تسعى إليه. وثمة إجماع على أن لودريان أظهر استعداداً للتعاطي بواقعية وإعطاء مهل لتحقيق الأهداف، لكنه أيضاً كان صريحاً في اقتناعه بأنّ شيئاً جوهرياً لن يتغيّر قريباً.

وأبرز ما لفت انتباه من التقوا الموفد الفرنسي، حديثه الذي عكس إعطاء الفرنسيين أهمية مبالغاً فيها لنتائج الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس، إذ اعتبروا أن الـ 77 صوتاً التي لم تذهب إلى سليمان فرنجية بأنها ضده، ما يضعف حظوظه. وبدا متعارضاً مع قراءة حلفاء فرنجية لنتائج الجلسة، خصوصاً لجهة أن الأرقام لا تحسم الأمور السياسية، فضلاً عن أن النواب الـ 18 الذين لم يصوّتوا أيضاً لمرشح القوى المتقاطعة ليسوا ثابتين على موقف.

وكانت لهذه المقاربة تفسيرات كثيرة، خصوصاً لدى خصوم فرنجية ممن عبّروا عن قناعتهم بأن فرنسا تراجعت عن مبادرتها ودعمها لفرنجية، ما دفع بزوار لودريان إلى سؤاله مباشرة عن الأمر، فكان جوابه صريحاً بالنفي، لكنه أرفق جوابه باستفسار عن «السبيل لإيصال فرنجية إلى قصر بعبدا». وقد حصل هذا النقاش تحديداً مع وفد حزب الله الذي التقى به لودريان حوالي ساعتين، وخلالهما أسمع الوفد مضيفه شرحاً لكل الأسباب التي تدفع الحزب إلى القول بأن «لا تراجع عن فرنجية».

وبينما نقل لودريان «حرص بلاده على التنسيق مع الحزب وأخذ هواجسه بجدية مطلقة»، حصل نقاش أولي حول موضوع الحوار الذي أكّد الحزب أنه «لا يجب أن يكون مشروطاً»، أما التفاصيل المتعلقة فستكون «مدار بحث مع الفرنسيين» في الأسابيع المقبلة.

وبينما نفت المصادر وجود تراجع، فضّلت الحديث عما أسمته «تعباً فرنسياً جراء الاصطدام بمعوقات داخلية وغياب أي تعاون خارجي مع فرنسا في ما يتعلق بمبادرتها، تحديداً من المملكة العربية السعودية». وكشفت المصادر أن لودريان خلال اجتماعه بفرنجية على مأدبة غداء في قصر الصنوبر لم يتردّد في سؤاله عن رأيه بالخيار الثالث، فضلاً عما إذا كان واثقاً من حدود القدرة التي تملكها قوى لبنانية داخلية (وكان يعني حزب الله وحركة أمل)، وإذا ما كانَ الثنائي سيسير في دعمه حتى النهاية.

وقالت المصادر إن «باريس لم تتراجع. هي تتمسك بمبادرتها من منطلق فهمها لموازين القوى ووجود رغبة لديها بالحفاظ على علاقة موضوعية مع حزب الله الذي يدرك الجميع أنه لا يمكن فرض رئيس من دون موافقته، لكنها تدرك أيضاً أنها غير قادرة على إنتاج تسوية من دون موافقة الدول الغربية والعربية». وكان لافتاً في هذا السياق ما نُقل عن السفير السعودي في بيروت وليد البخاري وصفه زيارة لودريان بـ«الإيجابية»، وقال أمام زواره إن الرياض تؤيد الدور الفرنسي «رغم وجود بعض الخلاف في وجهات النظر الذي سيتكفّل الوقت بحلّه»!

اترك تعليق