في وقت شكل قرار حكومة تصريف الأعمال، الغاء امتحانات الشهادة المتوسطة صدمة للوسط التربوي، خصوصاً بعد اكتمال التحضيرات لانطلاقها في موعدها الذي كان مقرراً في 6 تموز المقبل، إلا أن طريقة نقاش وزراء الحكومة لهذا الاستحقاق لم يفاجئ المتابعين للملف، ذلك أن الحكومة ومعظم الحكومات السابقة حين تتطرق إلى قضايا تخص الشأن التعليم لا تناقشها من خلفية تربوية، انما من زوايا لا ترتبط بها، أمنية وتقنية ومالية أو حتى سياسية، وأيضاً مصلحية، ولا تدرس الجدوى المرتبطة بإلغاء شهادة أو امتحانات مثلاً أو تأمين متطلبات قطاع لاستمراريته. جاء الغاء امتحانات الشهادة المتوسطة أخيراً ليثبت أن الفرضية التي استندت اليها الحكومة هي غير تربوية، لا بل أنها رمت الأزمة على القطاع وأحدثت فوضى في وضع آليات القرار في التربية وما إذا كانت ستمنح إفادات أو إجراء امتحان وطني مدرسي أو الاستناد إلى العلامات المدرسية، وفي الحالات الثلاث المشكلة.
لم يعد من جدوى للحديث عن الغاء امتحانات الشهادة الثانوية، فهي تشكل أساساً للتقييم والمستوى والانتقال إلى الجامعة. وحسناً فعلت رابطة التعليم الأساسي عندما تجنبت اتخاذ مواقف تصعيدية كان يمكن أن تطيح بامتحانات الثانوية، بصرف النظر عن التوازنات السياسية والحزبية القائمة داخلها، إذ أن عدداً كبيراً من اساتذتها يتولون مهمات المراقبة في مراكز الامتحانات.
بعد الغاء المتوسطة، ينبغي التركيز على إنجاح الامتحانات الثانوية، كونها الشهادة الباقية لهذه السنة، وذلك على الرغم مما تخلل الدراسة من مشكلات ومقاطعة وإضرابات، لم يصل التعويض فيها لما تحقق في مرحلة التعليم الاساسي. أما التسريبات التي تتحدث عن الغائها، فلم تعد ذات جدوى، علماً ان هذا الأمر طُرح في وقت سابق، لكن الوزارة وفق المعلومات أمنت كل المتطلبات اللوجستية للاستحقاق من المراقبين ورؤساء المراكز، وحددت ايضاً البدلات اليومية للمراقبين والمراقبين العامين ورؤساء المراكز بين 20 و24 دولاراً يومياً جرى توفيرها من اليونيسف ومن جهات أخرى ومن مشاريع تربوية. وهذا يعني أن الامتحانات الثانوية قائمة، ولا مجال للجدل أو المطالبة بإلغائها، على الرغم من أن الاستعدادات للمتوسطة كانت أيضاً مكتملة قبل الغائها,
يبقى أن تحسم التربية الوجهة التي ستعتمدها في ما يتعلق بآليات الغاء المتوسطة. فرغم رفض وزير التربية عباس الحلبي منح افادات لكل المرشحين، إلا أن الخيارات تبدو صعبة خصوصاً في ما يتعلق بإجراء امتحان عام في المدارس يشبه الامتحانات الرسمية. الخسارة وقعت بقرار الالغاء، والمهمة الأولى اليوم هي إعادة التربية إلى أهلها,