دخلت البلاد مرحلة الفراغ الطويل على حد وصف مرجع سياسي رفيع لـ»الجمهورية» بعد سقوط الفرص التي كانت متاحة منذ نحو شهر، كاشفاً انّ عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان «ليست اكيدة. وحتى اذا عاد سيكون خالي الوفاض بعد ان اصبح الملف الرئاسي في مكان آخر».
واضاف المصدر: «لبنان دخل في حالة جمود قاتلة، والخوف من ان تملأها توترات على غرار ما حصل في القرنة السوداء».
وبالنسبة الى ما خص العمل الحكومي الذي يفترض ان يستمر في ظل الفراغ الرئاسي، استبعد المصدر «ان تتمكن هذه الحكومة من اجراء تعيينات ولو طرحتها تحت مسمّى الضرورية، كتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان عند انتهاء ولاية الحاكم الحالي نهاية هذا الشهر، متوقعاّ سهولة في طرحها وتحولها مادة للجدل مقابل صعوبة في تنفيذها».
الى ذلك اعتبرت اوساط متابعة ان «التقاطع الوطني» الذي حصل ببن كل الجهات، على اختلاف انتماءاتها السياسية والطائفية، عند التنديد بحادثة مقتل مواطنَين من بشري، ساهمَ في تجينب المنطقة فتنة لا تحمد عُقباها، مشيرة الى ان ردود الفعل أظهرت تهيّباً للموقف وتحسّساً بمخاطره.
وشددت هذه الاوساط على ضرورة كشف ملابسات ما جرى، بلا تأخير، لتهدئة الانفعالات وحتى لا يبقى الجمر مستعرا تحت الرماد، مشيرة الى أهمية دور الجيش في هذا الإطار والى ضرورة معالجة جذور المشكلة بين بشري وبقاعصفرين وعدم الاكتفاء باحتواء النتائج.
ولفتت الاوساط الى ان حادثة بشري يجب أن تكون حافزا للتعجيل في إنهاء الشغور وانتخاب رئيس الجمهورية، لأن استمرار الانكشاف السياسي يُضعف المناعة الأمنية بشكل او بآخر، وليس في كل مرة يمكن أن تسلم الجرة. ونبّهت الى ان الفراغ الرئاسي المتمادي يشكل خاصرة رخوة للبلد، ولذلك يجب أن يُملأ بالرئيس المناسب.
برنامج غير واضح
وفي الوقت الذي تقدمت احداث «القرنة السوداء» على ما عداها من أحداث المرحلة، قالت مصادر نيابية معنية ان الاتصالات الخاصة في شأن الاستحقاق الرئاسي التي يمكن ان تغير في واقع الامور مجمدة الى اجل غير مسمى. وعليه، فإن الحديث عن برنامج الموفد الرئاسي بعد مغادرته بيروت بات غير واضح.
وقالت مصادر ديبلوماسية اوروبية على تماس مع الملف اللبناني لـ«الجمهورية» ان الرئاسة الفرنسية لم تعلن عن اي خطوة لاحقة للودريان. حتى أن اي لقاء بينه وبين الرئيس ايمانويل ماكرون لم يعلن عنه بعد. ولفتت إلى ان التكهنات بزيارة يقوم بها الى الرياض او الدوحة او اي مكان آخر يمكن ان تكون واقعية، ولكن الإعلان عنها وتوقيتها ليس في يد احد سوى الرجلين المعنيين بالمهمة هما ماكرون ولودريان، وان اي شخص آخر مما كان يسمى خلية الأزمة غير معني بهذه الخطوات.
لا حراك حاسماً
وقالت مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الجمهورية» ان كل شيء مجمد منذ ان انتهت الجولة الأولى من مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي، وليس هناك اي حراك يعني هذا الاستحقاق وان رئيس المجلس ليس في وارد اتخاذ اي خطوة في هذا الاتجاه وخصوصا على مستوى البحث في الجلسة الثالثة عشرة لانتخاب الرئيس ما لم يستجد ما يستدعي مثل هذه الخطوة.
المعارضة لم تبدل مواقفها
وعلى خط مواز قالت مصادر نيابية معارضة لـ«الجمهورية» ان المشاورات لم تتوقف وان الحراك الجاري على أكثر من مستوى ما زال قائماً بمعزل عما شهدته جلسة الرابع عشر من حزيران الماضي وما قبل زيارة لودريان وبعدها لم يتوقف بعد. وان المشاورات لا زالت عند الخيار الأخير الذي تم التوصل اليه وهو الاستمرار في ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، وأن اي خيار آخر لم يتناوله احد بعد على رغم من مجموعة المواقف التي تحدثت عن احتمال التفاهم على خيار ثالث، وهو امر يعني ان البحث فيه ما زال في علم الغيب طالما انه يشكل تراجعا موازيا من محور الممانعة والمعارضة في آن.