فيما تقاطعت المعارضة على اسم مرشحّ لمواجهة سليمان فرنجية، فهي لا تبدو أنها قادرة على الخروج من هذا الترشيح، ولا الانتقال إلى مرشح آخر، لأن التقاطع لن يكون متوفراً في حينها. بذلك، فإن رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل مثلاً يعتبر أنه بهذا التقاطع قطع الطريق على ترشيح سليمان فرنجية. وهو لا يزال أمامه مهمة أساسية وهي قطع الطريق أيضاً على وصول قائد الجيش جوزيف عون لرئاسة الجمهورية. من هنا تعود لعبة الرهان على الوقت، بانتظار انتهاء ولاية قائد الجيش في كانون الثاني من العام 2024. وبعد خروجه من موقعه لن يعود مرشحاً قوياً لرئاسة الجمهورية. بذلك يكون باسيل قد حقق خطوة جديدة إلى الأمام في قطع الطريق على كل من لا يريدهم للرئاسة. وثمة من يعلّق على هذا الكلام بأن باسيل لديه رهان أساسي على الوصول إلى صيغة لرفع العقوبات عنه في السنة المقبلة.
بحال حصل ذلك، يمكن العودة إلى القواعد الأولى للعبة الانتخابية. وبما أن ترشيح فرنجية يواجه صعوبات، وقائد الجيش أصبح مستبعداً، قد يعود باسيل إلى جانب من نقاشاته مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في بداية الحديث عن الاستحقاق الرئاسي. فحينها قال نصرالله لباسيل: “هل أنت مرشح؟” فنفى الأخير ذلك. ليضيف نصر الله: “نحن نثق بك وبسليمان فرنجية، وطالما أنك لست مرشحاً فإننا ندعم خيار فرنجية”. هذا الكلام سيختار باسيل توقيت إخراجه وإعادة استخدامه، فيعلن أنه مرشح، ولم يعد مستعداً للتخلي عن حقّه بالترشح. ولعلّ هذه اللعبة قد تستدرج رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والذي يعتبر نفسه أنه صاحب التمثيل المسيحي الأكبر، لطرح ترشيحه أيضاً رداً على ترشح باسيل. فبذلك يضع رئيس التيار الوطني الحرّ حزب الله أمام خيار من اثنين: إما هو أو سمير جعجع.
كل ذلك يندرج في إطار اعتماد سياسة تعبئة الوقت الضائع، وانعدام القدرة على الوصول إلى حلّ أو تسوية، فتنشغل القوى اللبنانية المختلفة في تعبيد الطريق أمام سياسات من شأنها أن تضمن لها قدرتها على التحكم في المسارات السياسية، إما تعطيلاً وإما تأسيساً لمعادلات جديدة. لكن ذلك لن يكون بالضرورة قابلاً للتحقق أو التطبيق، بانتظار حصول تطورات خارجية وداخلية تفرض وقائع جديدة.