لنضع السياسة جانبا الى حين … بالرغم من كونها خلطة الشيطان الدارس في “معاهد” التعليم هنا !! من هنا تتم حفلات إطلاق التخرج للأبالسة الصغار لتنمو وتكبر وتتعلّم على إشعال عود الكبريت وليصبح سباق البدل حقيقة مرّة من جيل الى اّخر ، الجد يورث الولد “دعوسة” الناس والأخير يوصي أحفاده حتى بالدم الحفاظ على “النمرة الزرقاء” مهما كان ثمنها … وعلى وقع هذه الاّلام السياسية ثمة عالم اّخر يعيش بشق النفس … اتركونا نعيش فقط لنخدمكم بمن تبقى منا !!
في هذا الجانب الملاصق بتداعياته السيئة على الناس ثمة إعتقاد راسخ في خضم “الاجتياحات” القائمة للقمة عيش اللبنانيين، أن هناك من يؤكد إقتراب وقوع أعمال الفوضى في البلاد، وعلى وجه الخصوص لحظة إمتلأ كأس الصبر عند الناس المتمثل بمنعهم من الطبابة وقطع الدواء عن المواطنين بعد رفع الدعم عنه، بحيث مرّت عمليات غلاء البنزين والمازوت والمواد الغذائية وإستطاع المواطنون «بلعها»، لكن عملية «قطع» الاستشفاء وإستحالة شراء الدواء جعل الكأس يفيض بالكثير من الغليان والسخط على كل أهل الدولة ومؤسساتها وفق مقولة “كل شي إلا الدواء” ، إنهم يقتلون البشر وهم أحياء ، هناك قتلة رسميين متنقلين بين الناس يذبحونهم من الوريد الى الوريد وأقل من ذلك لا يقبل الجزارون ، على مهل يستلّون خناجرهم وينحرون الحوامل من الامام الى الخلف وسط بطنها ، يقتلون الجنس القائم والاّتي ، لا كهل يمر دون شتيمة ، ولا شاب إلا ونزعوا عنه العزيمة ، لا إمرأة إلا ومسحوا بشرفها أحذيتهم ، لا طفل إلا ونحروه … من أين جاء التتر والمغول الى بلادنا وتوغلوا في أزقة الفرح والبراءة وقتلوا اللبنانيين دون سؤال ولا رحمة …إنهم كلاب المال “يزربون” ضمائرهم في حظيرة الخنازير ويهلّلون لبراءة كف أيديهم ، لكن التاريخ صادق بكل الحق ولا يكذب : سوف تدوسكم الناس بأقدامها وينقرون أعينكم غذاء للهررة ، لحمكم غير صالح وعقولكم عفنة ،لا شيء فيكم صالح ، انتم الفاسدون في الارض ، وما الأرض إلا لتبلعكم وتخفيكم عن وجهها ، وأي عقل مخرب يمنع الدواء والطعام والاستشفاء والاكل والشرب والمياه والهواء وحتى المطر تم حبس أنفاسه عن الناس؟ ، أي فكر ظلامي يعمل في مخادعكم ، الشياطين أرحم وأرق صنف من بعض المحسوبين على البشر! لكن مهلا” : هل بإستطاعة الطغاة في بلدي أن يقلّلوا من مستوى العذاب والصراخ ، هل بإستطاعتكم على الأقل عدم “ترويس” الحربة الى هذا القدر ؟
ويبدو أن المواطن لن يكون على أجندة الدولة لا الاّن ولا في المستقبل القريب، والامور بمجملها ذاهبة نحو تعقيد أكبر من كافة النواحي لكن على طريقة… أزمة يومية تأكلها أزمات أكبر في اليوم الثاني وكلما صعد اللبناني إذا تيسّر له الصعود الى قمة سوف تتراءى له قمم، لكن تكمن الفاجعة حسب المصادر بأن الدولة ومسؤوليها ينتظرون تأمين حبة الدواء من خلال مراقبة محادثات جنيف بين ايران والدول الكبرى أو لقاءات السعودية مع ايران !! هذه هي حقيقة الامر في لبنان حيث كل ما يجري داخله وحوله من ويلات موضوع على سكة الانتظار في وقت يموت الناس جوعا ومرضا» على وقع التسويات الكبرى !!
وعلى أرض الواقع ووفق تداعيات أسعار الادوية ودخول المستشفيات، هناك أنين يمكن سماعه عند مدخل كل مستشفى يقابله إشكال على مداخل الطوارىء، أما مشكلة الصيدليات والادوية بالرغم من كون أسعارها قد حلّقت هي بالفعل مفقودة خصوصا أدوية الامراض المستعصية، التي كان من المفترض وفق تسميتها أنها مستدامة أن لا تلجأ الدولة الى هذه المعصية المميتة حيث المشاهدات أمام الصيدليات تدمي القلوب… هذا الدواء غير متوفر، وذاك المستحضر أسعاره خيالية وأدوية السكري والضغط والشرايين إرتفعت أكثر من عشرة أضعاف، وعلى سبيل المثال دواء السكري الذي كان سعره حوالى سبعين ألف ليرة أصبح خمسماية وسبعة اّلاف ليرة ! تضيف المصادر أن هناك من «يفصل» الدواء ويسأل عن سعره لكنه لا يستطيع شراؤه… يترافق هذا المشهد مع دمعة في العين لرجل كهل يتكىء على عصاه ! في مقابل موظف داخل الصيدلية هو نفسه لا يستطيع شراء الدواء نفسه ؟
هي كارثة إنسانية وصحية بكل المعاني والخوف الأكبر أن يستمر إرتفاع الاسعار على خلفية كلام لوزارة الصحة «ان الادوية تم رفع الدعم جزئيا عنها « وهذا يعني أن هذه الاسعار مؤقتة وهي سترتفع حتما أضعافا ما هي عليها اليوم، كل هذا ولم تتحدث هذه المصادر عن المواد الغذائية والبنزين والمازوت على أبواب الشتاء وخصوصا مادة الغاز التي وصل سعر قارورتها الى أكثر من ربع مليون ليرة أي ثلث الحد الادنى للاجور !!
إنه الانهيار التام في كافة مفاصل الدولة اللبنانية ومؤسساتها لم يبق شيء قائم في البلاد ال حجر ولا بشر ! بالاضافة الى ضربات موجعة ومؤلمة تلقاها القطاع الخاص حيث أقفلت أكثر من 600 مؤسسة أبوابها وبات عمالها خارج إطار التغطية الصحية والمادية، ورحل عن لبنان خيرة الاطباء بعدد يتراوح بين 2000 طبيب واكثر من ثلاثة اّلاف ممرضة مجازة، ناهيك عن خريجي الجامعات من مهندسين من كافة الاختصاصات وأصحاب المهن الحرة وصولا الى عمال المطاعم…
وتختم المصادر بالتمني أن يبقى الوضع كما هو الاّن قبل أن يتدهور بسرعة فائقة نحو الفلتان والفوضى الشاملة، خصوصا أن لا شيء يشجع على التمني بأيام أفضل في المستقبل المنظور في بلد تمت فيه أكبر عملية نهب في العالم لأموال الدولة والناس !! فهل هناك من «يهندس» قتل الناس دون ذنب يذكر؟؟ ثمة من لا ينفي هذا الهدف!
الناشر _ رئيس التحرير: عيسى بو عيسى