غداة الموقف الذي أعلنه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عبر «نداء الوطن» عن استعداد لبنان الكامل لترسيم الحدود البرية مع إسرائيل، وصل فجأة الى الدولة العبرية كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين. وبدت زيارة المسؤول الاميركي لإسرائيل مفاجئة في الشكل، لكنها في المضمون، منسجمة مع المعطيات التي أشرنا اليها قبل أيام حول إهتمام دولي لترسيم الحدود البرية على جانبي الحدود في الجنوب.
ما هي المعطيات الداخلية المتصلة بزيارة هوكشتاين لإسرائيل، خصوصاً أنّه كان الوسيط الاميركي الذي أنجز الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، وأصبح هذا الترسيم منطلقاً لورشة تنقيب عن النفط والغاز في المنطقة البحرية التابعة للبلدين؟
تفيد معلومات «نداء الوطن» أنّ مهمة هوكشتاين ترتبط تحديداً بتهدئة التوتر الذي تصاعد أخيراً على الحدود الجنوبية، وانطلاقاً من موقعه على مستوى ملف الطاقة في الإدارة الاميركية يسعى لإحتواء التوتر لئلا يؤثر في التحضيرات الجارية لإطلاق عملية التنقيب في البلوك البحري الرقم 9 التابع للبنان في ايلول المقبل.
وسبقت زيارة هوكشتاين لإسرائيل اتصالات اميركية في لبنان والولايات المتحدة على السواء. ففي لبنان أجرت سفيرة الولايات المتحدة دوروثي شيا سلسلة اتصالات مع المسؤولين، كما زارت مسؤولاً أمنياً سابقاً ما زال يواصل دوره في عدد من الملفات، منها متابعة تنفيذ خطوات الترسيم البحري. أما في واشنطن، وعلى هامش زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، فقد التقى النائب الاول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري هوكشتاين، ما يعني بأنّ هذا اللقاء جاء بتكليف من الرئيس نبيه بري الذي كان يتابع الترسيم البحري ولا يزال.
في موازاة ذلك، أصبح ملف الترسيم البري حاضراً بكل ثقله، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة على الحدود الجنوبية التي تشير الى أنّ هذا الملف ما عاد ممكناً وضعه جانباً بعدما أصبح منطلقاً لتوتر ينذر بالاتساع، في ما يتصل ببلدة الغجر والخيمتين اللتين نصبهما «حزب الله» في مرتفعات شبعا. وهذا ما حرّك امس الشكوى التي تقدم بها لبنان إلى الأمين العام للأمم المتّحدة ومجلس الأمن حول «تكريس الجانب الإسرائيلي إحتلاله الكامل وإستكمال ضم الجزء الشمالي اللبناني لبلدة الغجر».
وفي إنتظار جلاء التوتر الحالي على الحدود الجنوبية، علم ان قيادة الجيش باشرت تحضير ملفات الحدود البرية القديم منها والجديد مع التدقيق فيها كي تكون حاضرة عندما يأتي الوقت المناسب لانطلاق ورشة إعادة الترسيم البري. وتضيف المعلومات ان خرائط الحدود حاضرة أصلاً، لكن قيادة الجيش تتحوط بالاستعداد لعرضها والدفاع عنها هندسياً ووفق اتفاق الهدنة والخط الأزرق.
على الجانب الاسرائيلي، أفادت القناة «12» العبرية أمس عن لقاء أجراه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع المبعوث الخاص للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي وصل إلى تل أبيب في زيارة سريّة للبحث في قضية خيام «حزب الله» وتطبيع العلاقات مع السعودية. وأشارت القناة إلى أنّ جدول أعمال هوكشتاين، تضمّن البحث في «جهود الوساطة الأميركية لتهدئة الوضع والتوترات مع «حزب الله» عند الحدود».
كما أفاد موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الالكتروني ان هوكشتاين التقى نتنياهو، وكذلك مستشار الأمن القومي الاسرائيلي تساحي هنغابي. وقد تمت زيارة هوكشتاين لإسرائيل في سرية مطلقة، وتقرر إجراؤها في اللحظة الأخيرة. ورافقه في الزيارة السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايك هرتسوغ.
ويأتي وصول المسؤول الاميركي الى إسرائيل، بحسب «يديعوت أحرونوت»، على خلفية وجود خيام «حزب الله» على «الأراضي الإسرائيلية منذ أكثر من شهرين، الأمر الذي زاد حدة التوتر. ويعمل الأميركيون خلف الكواليس من أجل التهدئة التي يعتقد أنها أدت إلى تفكيك الخيمة الأولى».
وقال مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي في بيان إن «نتنياهو التقى هوكشتاين، وناقشا القضايا الإقليمية والمسائل المتعلقة بالتعاون الوثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل».
وأشارت «يديعوت أحرونوت» الى أنّ المؤسسة الأمنية الاسرائيلية «أعدّت خيارات عدة إذا فشلت الجهود الديبلوماسية لإخلاء الخيمتين، بما في ذلك المواجهة لإزالتهما». وقال مسؤولون أمنيون كبار قبل نحو أسبوع «إن إسرائيل لن تقبل بالوجود الدائم للخيمتين، هو استفزاز وليس تهديداً أمنياً لإسرائيل، ولكن هناك خوف من التقدم الزاحف لـ»حزب الله» وفرض الحقائق على الأرض».