يتواصل البحث عن المخارج لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان، وبات من المؤكّد شطب خياري تعيين حاكم جديد والتمديد للحاكم الحالي رياض سلامة، وفق ما أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وبالتالي صار “المركزي” أمام خيار وحيد هو المرجّح اعتماده، ينص على تولّي نائب الحاكم الأول وسيم منصوري مهام سلامة، وبالتالي التراجع عن التلويح بالاستقالة.
قد يمر قطوع مصرف لبنان بسلام، إلّا أن التحديات قبل إنجاز استحقاق رئاسة الجمهورية كثيرة وتزداد يوماً بعد يوم، والتحدي الأول بعد الانتهاء من أزمة حاكمية مصرف لبنان سيكون المجلس العسكري والفراغ الذي سيتركه قائد الجيش جوزيف عون بعد انتهاء ولايته على بُعد أشهر، في ظل غياب رئيسٍ للأركان، لكن الإشارات ترجّح تعيين رئيسٍ جديد للأركان قبل انتهاء ولاية عون.
مصادر السرايا الحكومية تُؤكّد عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية رغبة رئيس حكومة تصريف الأعمال حلحلة كافة الملفات التي تُهدد بفراغ المؤسسات، وعلى رأسها حاكمية مصرف لبنان التي تحتل أولوياته في الحين، وترجّع المصادر بشدّة “الاتجاه نحو تسلّم نائب الحاكم الأول، وسيم المنصوري، مهام سلامة”.
إلى ذلك، فإن البلاد بانتظار الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان المفترض وصوله إلى لبنان الأسبوع المقبل، وما سيحمل في جعبته بعد تواتر معلومات مفادها حضوره اللقاء الخماسي في الدوحة الإثنين المقبل، ما يعني انّه قد ينقل جواباً حاسماً حول نتائج المشاورات الدولية المنعقدة حول لبنان، ووجهة النظر الخماسية حول آفاق الحل.
على صعيد آخر، كان لافتاً إعلان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عودة الحوار مع حزب الله، بعيداً عن “الفرض” و”الشروط المسبقة”، وقد يحمل هذا الإعلان إشارات هدنة بين “التيار” و”الحزب” وتراجع حدّة التوتر بينهما، لكنّه ليس بالضرورة تبنياً لمرشّح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، ولا عودةً إلى تفاهم “مار مخايل” الذي بات يحتاج إلى الكثير من الترميم.
عضو تكتّل “لبنان القوي” النائب سيزار أبي خليل لفت إلى أن اتصالات “التيار” لم تنقطع مع أي طرف رغم الاختلاف حول ملفات عديدة، منها الحكومة ورئاسة الجمهورية، وكشف أن “حزب الله” تواصل مع “التيار” بعد جلسة الانتخابات الشهيرة في 14 حزيران.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، أشار أبي خليل إلى أن “الحوار يتم على قاعدة عدم فرض المرشّحين، وعلى الدعوة للاتفاق على برنامج لرئاسة الجمهورية في ظل عدم الاتفاق على اسم لذلك”.
وفي سياق متصل بباسيل، سابقة قضائية خطيرة حصلت مع صدور حكم قضائي بسجن الإعلامية ديما صادق وتغريمها، على إثر دعوى قدح وذم كان قد رفعها رئيس “التيار” في وقت سابق، ويحمل القرار في طيّاته تسييساً واضحاً وانتهاكاً لحرية الرأي والتعبير، ولقانون المطبوعات الذي يمنع سجن الصحافيين. وعلى الأثر، تلقّت صادق تضامناً سياسياً وإعلامياً وشعبياً واسعاً.
في ظل كل هذا الفراغ على كافة المستويات، ورغم المحاولات البائسة والناجحة لملء الفراغات في المؤسسات الدستورية، فإن الفراغ الأكبر في رئاسة الجمهورية باقٍ ويتمدّد، ويُنذر بتفاقم الأزمات وولادة فراغ تلو الفراغ، إلى أن يتم إنجازه فتسير الحياة السياسية بشكل سليم بعيداً عن المخارج غير القانونية للملفات.