عندما تهبط طائرة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان اليوم في مطار رفيق الحريري الدولي آتياً من باريس، سينتقل فوراً الى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري. هذا في لبنان، أما زميله في اللجنة الخماسية لأجل لبنان وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية محمد عبد العزيز الخليفي، فقد سبقه الأحد الماضي إلى طهران، في مهمة تتصل بالاجتماع الأخير للجنة في الدوحة.
وبدا التحرك الفرنسي والقطري في اتجاه العاصمتيّن اللبنانية والايرانية في صورة متلاحقة بمثابة إشعار بأنّ اجتماع «الخماسية» لم يكن مجرد لقاء عابر. ووفق معلومات «نداء الوطن» فإنّ لودريان والخليفي ينطلقان، كل على طريقته، بالتحضير لهدف رئيسي هو إنجاز الاستحقاق الرئاسي وفق «خريطة طريق» وضعتها «الخماسية».
من الناحية القطرية، أفادت المعلومات أنّ وفداً أمنياً زار لبنان في عطلة نهاية الاسبوع الماضي، والتقى قيادات في «حزب الله» من أجل التشاور حول موقف الحزب من الانتخابات الرئاسية حصراً، ومستطلعاً الرأي في احتمال ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون لمنصب رئيس الجمهورية، فكان جواب مضيفيه الاستمرار في خيار ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية. ونقل الوفد القطري معطيات هذا اللقاء الى الخليفي قبل ان يصل طهران كي يستند اليها في حواره مع المسؤولين في ايران. وفي مقدمة من التقاهم في طهران أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان ، ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، وفق وكالة «فارس» للأنباء.
من الناحية الفرنسية، أبلغت مصادر واسعة الاطلاع «نداء الوطن» أنّ الهدف الأول في زيارة لودريان للبنان هو القول إنّ فرنسا متمسكة بحل الازمة الرئاسية، وانها لم تستسلم ولم تحبَط بسبب العراقيل والمطبّات ولن تتراجع عن سعيها لإخراج لبنان من النفق المظلم الذي هو فيه، وسيطلع لودريان من يلتقيهم على نتائج الاجتماع الخماسي. وأضافت: «أتى الموفد الفرنسي لجس النبض وبيده حجة، هي عرض وقائع اجتماع اللجنة الخماسية. وأهمية هذا الاجتماع، أنه صارت هناك وثيقة تضمّنها بيان بمثابة خريطة طريق حددت بشكل واضح «ان الاستحقاق الرئاسي يتم عن طريق الانتخابات في مجلس النواب واحترام الآليات». وخلصت الى القول: «نسفت هذه الخريطة بتوقيع فرنسي أمرين كانت باريس تسعى الى تحقيقهما، هما الحوار والمقايضة او ما يسمى السلة المتكاملة».
ويكشف مصدر دبلوماسي في باريس لـ»نداء الوطن» أن «لودريان جاد جداً في تحقيق اختراق نوعي في ملف الأزمة السياسية المتمثلة بانجاز الاستحقاق الرئاسي، لأن ذلك سيسهل عليه الانتقال الى مهمة ثانية يزاوج بينها وبين متابعته للملف اللبناني، لذلك هو أمام تحديين:
الأول: مسألة تعيينه خلفاً لجيرار ميستراليه على رأس الوكالة الفرنسية لتطوير العلاقات بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، مع الاستمرار في مهمة متابعة الملف اللبناني، وهذا التعيين في طور التثبيت.
الثاني: الانتقال من مرحلة المبادرة الفرنسية التي تم نعيها في اجتماع الدوحة الأخير، الى مرحلة التعبير الحقيقي عن توجهات اجتماع الخماسية العربية والدولية في كيفية مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي مدى قدرته على دفع الفرقاء اللبنانيين الى الاتفاق على شخصية قادرة على جمع القيادات اللبنانية، وخارج كل الاصطفافات، يتم انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا يؤدي الى الحوار اللبناني حول كل الملفات العالقة».
ويؤكد المصدر ان «عودة لودريان لا تعني وجود حلول سحرية، لأنّ بين ما يسعى اليه لودريان من إنجاز يستثمره شخصياً وبين الواقع بوناً شاسعاً من الخلافات يحتاج الى قرار صادم لمّحت اليه اللجنة في بيانها المشترك، فهل يتم الانتقال من الاقناع الى الفرض؟ هذا ما ستكشفه مهمة لودريان الجديدة التي ستكون حاسمة في تحديد اتجاه الامور».