في خضم الأزمات المتراكمة محليًا وانسداد أفق الحلول، اندلعت فجأة أحداث مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في وقت كانت فيه الفصائل الفلسطينية تعقد اجتماعاتها في مصر برئاسة الرئيس محمود عباس وبرعاية مصرية لتجاوز الخلافات وتوحيد الموقف في مواجهة اسرائيل، لتأتي هذه الاشتباكات وكأنها رسالة من جهةٍ ما للقول إنه ممنوع على الشعب الفلسطيني أن يتوحد ويكون سيد قراراته.
محليا، أصبح بحكم المؤكد أن النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري سيتسلم صلاحيات الحاكم المنتهية ولايته رياض سلامة، وبالتالي لا فراغ في المصرف المركزي، ومسألة التسلم والتسليم ستتم بطريقة سلسة على خلاف ما كان يتوقعه البعض. منصوري سيبدأ مهامه كحاكم لمصرف لبنان بمؤتمر صحافي يحدد فيه عناوين المرحلة المقبلة وتوجهات السياسة المالية، وأنه يتمنى ألا تطول مدة حاكميته، وكذلك ألا يطول الشغور الرئاسي، وأن تنجح القوى السياسية بانتخاب رئيس للجمهورية يعمل على تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان.
مصادر اقتصادية وصفت المرحلة “بالدقيقة جداً”، وحذرت في حديث مع الأنباء الإلكترونية من “سياسة تفريغ المؤسسات وتعميم ثقافة الفراغ، لأن ذلك مؤشر سلبي سيؤدي حتما الى انهيار الدولة بالكامل”، وسألت “لمصلحة من يجري تفريغ المؤسسات والمواقع الرئيسية في البلد؟ ألا يكفي الفراغ في الرئاسة ليكون هناك فراغ آخر في حاكمية مصرف لبنان والمجلس العسكري وربما قيادة الجيش إذا لم يحصل انتخاب رئيس جمهورية قبل انتهاء ولاية قائد الجيش جوزف عون؟”.
توازيا توقع الخبير المالي والاقتصادي أديب طعمة في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية أن يتسلم منصوري “إدارة الفراع، أو أن يكون حاكما من دون مسؤولية”، معتبراً أن “سلامة قد يتحول إلى حاكم في الظل أو حاكم من وراء الستارة”، بحسب رأيه، متوقعاً “إيقاف منصة صيرفة، وانهيارا كبيرا للعملة الوطنية بعد أيلول المقبل إذا لم يصر لحل مسألة الشغور الرئاسي والبدء بتنفيذ الإصلاحات، وقد يؤدي ذلك الى الانهيار وفرض عقوبات قاسية تطال رؤوسا كبيرة”.
في المقابل توقّع النائب بلال الحشيمي أن “يبقى الوضع المالي على ما هو عليه بعد تسلم منصوري”، لكنه أكد ان عدم تعيين حاكم جديد “ليس صحيا للبلد وللمسيحيين على وجه الخصوص”.
الحشيمي وفي حديث للأنباء الالكترونية أعرب عن خشيته من “ذهاب الامور الى الاسوأ”، معتبرا أن “القيادات المسيحية أخطأت بعدم موافقتها على تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان”، كما توقف عند “مناورات الثنائي الشيعي ضد تسلم منصوري مهام الحاكم وكيف عاد وقبل بالأمر”، وسأل “هل بدأنا نعمم سياسة الفراغ ولم يعد هناك مؤسسات ولا كيان للدولة؟ فمن الخطأ عدم تعيين حاكم أصيل وكان يجب على القيادات المسيحية تجنب الفراغ لأن له علاقة بالناس”، غامزاً في الوقت نفيه من قناة “تمنّع حزب الله عن المشاركة في جلسة مجلس الوزراء تعاطفا مع جبران باسيل، في الوقت الذي حضر فيها وزرائه كل جلسات الحكومة وكأن الامور اصبحت “عطيني لأعطيك”، عازيا السبب بوصول الأمور إلى هذا الدرك إلى “تراجع الحسّ الوطني وتغليب المصالح الخاصة على المصلحة الوطنية في وقت نحن بحاجة ماسة للاستقرار لأنه يعطي الثقة للمواطن”.
وأضاف حشيمي: “ماذا يحصل لو شغر موقع قائد الجيش؟ فمن يتولى إدارة شؤون المؤسسة العسكرية؟ لماذا لم تتعلم القوى المسيحية من الاخطاء؟”.
وعلى وقع هذا التراجع المستمر في مختلف الملفات بفعل الرفض المتبادل من القوى المعنية، تقبع البلاد تحت ثقل التعنت القاتل، بانتظار أن يصل الجميع إلى ما عمل له منذ البداية الرئيس وليد جنبلاط، في سعيه للوصول الى توافق على شخصية رئاسية مقبولة من الجميع، الأمر الذي يؤكد عليه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، وقد زارا أمس السفير السعودي وليد البخاري حيث كان التأكيد المشترك على هذه الثوابت من بوابة الحرص على إخراج لبنان من محنته بأسرع وقت.