حلقة الانتشار اللبناني في كل دول العالم، او ما يطلق عليها «الدياسبورا اللبنانية» أنقذت الاقتصاد اللبناني من الهلاك، وحالت دون مأساة معيشية فعلية وبؤس محتم في الوطن الغريق. وبعد أن كان لهذا الانتشار دور فاعل في تقديم العضد لأبناء الوطن من المقيمين ورفد الناتج المحلي الإجالي بما يزيد على 37.8% من حجمه المتراجع، وفقا لتقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعام 2022، شكلت عائدات القادمين لقضاء الإجازة الصيفية من هؤلاء المغتربين في الوطن الجميل، رافعة حقيقية أنقذت الليرة اللبنانية من الضغوطات الكبيرة التي كانت تتعرض لها، وهي حافظت على استقرار صرفها بما دون 92 ألف ليرة مقابل الدولار الأميركي، بعد أن وصل صرف الدولار الى حدود 140 ألف ليرة.
تقدر أوساط مالية متابعة قيمة الصرفيات اليومية للمغتربين والسواح في لبنان بما يوازي مائة مليون دولار، ومجموع هذه النفقات قد تصل مع نهاية موسم الصيف الى ما يزيد على 3 مليارات دولار، وهذا المبلغ يضاف الى التحويلات السنوية لهذه «الدياسبورا اللبنانية» والتي تصل الى ما يتجاوز 6.7 مليارات دولار، حسب تقديرات البنك الدولي، ولبنان يحتل المرتبة الأولى عربيا قياسا الى حجم السكان كبلد يتلقى تحويلات خارجية من المغتربين، بينما صنفه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ثالثا بين الدول العربية من حيث قيمة هذه التحويلات.
والمؤتمرات التي عقدها ناشطو «الدياسبورا اللبنانية» هذا الصيف على أرض الوطن، شكلت حافزا أعطت بعض الأمل للبنانيين، بعد حالة من اليأس التي عاشوها في السنوات الأربع الماضية من جراء مضاعفات وباء كورونا، وبسبب الفراغ والانهيار الذي حل بالوطن من جراء اخفاق السياسيين في إيجاد حلول لمعضلاته الوطنية، وقد تم تحويل جناته الموصوفة الى جهنم محكم.
صحيح أن «الدياسبورا اللبنانية» متنوعة، وليست جسما واحدا في الخارج كما هو الوضع عند مجموعات الضغط العنصرية لدى بعض الدول، لكن هذه الوضعية لا تؤثر على مدى فائدتها للبنان، فالجاليات اللبنانية بمعظمها تحترم خصوصيات البلدان المضيفة، وتتأقلم مع تقاليدها، ولا تشارك في أعمال نافرة او بنشاطات إرهابية، باستثناء بعض الأعمال الفردية المخلة التي قد تحصل على أيدي أفراد يحملون الهوية اللبنانية في دول الاغتراب.