ساعات عصيبة ودقيقة يمر بها مخيّم عين الحلوة مع استمرار سريان اتفاق وقف إطلاق النار الأخير والالتزام شبه التام به من قبل كافة الأطراف، لأنّه اتفاق هش ولا زال ضمن ساعاته الأولى، ويحتاج إلى بعض الوقت والمساعي السياسية بالتوازي من أجل تثبيته بشكل تام، لأن الاتفاقات السابقة كانت تُخرق وبشكل عنيف وليس خجولاً.
أربعة أيام من الاشتباكات العسكرية العنيفة شهدها المخيّم، وكان ثمّة قلق واضح من تمدّد رقعة الاشتباكات أكثر وخروج المعارك عن سيطرة الفلسطينيين لتشمل اللبنانيين، وبشكل خاص الجيش اللبناني، فيتكرّر سيناريو مخيّم عين البارد ويقع المحظور، إلّا أن استمرار اتفاق وقف إطلاق النار وتهدئة الوضع داخل المخيّم سيحول دون وقوع سيناروهات دموية.
بات جلياً أن الاشتباك الذي حصل في المخيّم مرتبط بالمساعي المصرية لتوحيد صفوف الفصائل الفلسطينية، والمعارك كانت بمثابة رد “القوى الإسلامية” رفضاً لما يحصل، خصوصاً وأنه من الواضح أن المسلّحين الاسلاميين المتشدّدين يقفون وراء التصعيد الذي بدأ.
وقف إطلاق النار استند إلى نقطة أساسية، مفادها تشكيل لجنة تحقيق بمقتل مسؤول قوات الأمن الفلسطيني محمد العرموشي ومرافقيه، وتسليم المتهمين بذلك إلى الدولة اللبنانية من أجل محاكمتهم، بالإضافة إلى سحب المسلّحين من الشوارع والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي عُقد في السفارة الفلسطينية بمشاركة هيئة العمل الفلسطيني المشترك.
القيادي في حركة “فتح” في مخيّم عين الحلوة عبد الهادي الأسدي أشار إلى أن الحركة ملتزمة بوقف إطلاق النار طالما أن كافة الأطراف ملتزمة ببنود الاتفاق، وعلى رأسها تشكيل لجنة التحقيق باغتيال العرموشي وتسليم المتهمين للقضاء اللبناني، ووفق المعلومات، فإن الطرف الآخر قدّم وعوداً حول التزامه بتنفيذ الاتفاق.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، نفى الأسدي ما يُشاع عن نية “فتح” استئصال الاسلاميين المتشدّدين من المخيّم في الوقت الحالي، معتبراً أن “الظروف لا تسمح بأي عملية عسكرية كبيرة”.
وعن صلة المستجدات الأمنية في المخيّم ومساعي القاهرة لتوحيد صفوف الفصائل الفلسطينية، وما إذا كانت الاشتباكات بمثابة رد على هذه الجهود، لفت الأسدي إلى أن “لا معطيات مباشرة حول هذا الارتباط، لكن سير الأحداث قد يُشير إلى ذلك، فالاشكال الأول في المخيّم كان فردياً، وعندما تحرّك العرموشي للقبض على القاتل تم اغتياله، بالتزامن مع ما كان يحصل في مصر”.
وفي ختام حديثه، استبعد الأسدي تكرار سيناريو نهر البارد في عين الحلوة.
مفتي صيدا سليم سوسان تمنّى عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن يصمد اتفاق وقف إطلاق النار، ورد عدم الالتزام في وقت سابق إلى تعدّد المرجعيات في المخيّم بين الحركات السياسية والأحياء والعائلات، مشيراً إلى أن المخيم جزء من الكل، ولديه قضاياه ومشكلاته.
وأكّد سوسان الحرص على أمن المخيّم كما أمن صيدا، ولفت إلى أنّ “ما يحصل هو خسارة لكل تنظيم، والدماء التي سقطت كان يجب أن تسقط بوجه إسرائيل نصرةً للقدس”.
ما من شك أن ما يحصل في مخيّم عين الحلوة مدبّر، وهو مرتبط بصلات خارجية، لأن عملية الاغتيال التي حصلت الأحد، واستمرار القتال رغم الاتفاقات المتكرّرة لوقف إطلاق النار لا يُشيران إلى أن الاشتباكات عشوائية ووليدة ساعتها، ويبقى التعويل على حكمة القيادة الفلسطينية لعدم جر البلاد إلى ما لا تُحمد عقباه.