قضية مقتل المواطن الجنوبي الياس الحصروني المعروف بالياس الحنتوش، ابن بلدة عين إبل الجنوبية في قضاء بنت جبيل، والذي كان يشغل منصب عضو مجلس مركزي في «القوات اللبنانية»، ومنسق سابق لـ»القوات» في منطقة بنت جبيل، شغلت الرأي العام والاوساط السياسية والحزبية، اثر اكتشاف أهل الضحية بعد أيام على دفنه، أنّ حادثة وفاته لم تكن بسبب حادث سير أدى إلى إنقلاب سيارته، بل اكتشفوا أنّ الحادث مدبّر، وما حصل هو جريمة قتل جرى الإعداد لها بحرفية للايحاء بأنها مجرد حادث سير عادي.
وقد تم تداول فيديو أمس يظهر كيفية تعرّص المغدور للخطف وللقتل بحادث مُدبّر.
وفيما لم تتكشّف رسمياً بعد أي معطيات حول الجريمة، تحدثت معلومات اعلامية عن أن تقرير الطبيب الشرعي أظهر أنّ المغدور قُتل خنقاً وضُرب بالمسدس على رأسه وعند القفص الصدري، ما أدى الى كسر ضلوعه وخرقها للرئة ثمّ تم رمي الجثة قرب موقع السيارة.
الرواية
وفق الأقرباء، وقعت الجريمة عند الساعة التاسعة وستّ دقائق ليلاً، لكنّ أهالي عين إبل والقرى المجاورة علموا بالخبر حوالى الساعة العاشرة والربع مساء، إذ صودف مرور أحد الأشخاص في تلك المحلّة وشاهد وجود السيارة واتصل على الفور بـ»الهيئة الصحية الإسلامية» لتنقل جثّة الحنتوش إلى مستشفى «صلاح غندور» في بنت جبيل.
في تلك الليلة لاحظ بعض الأهالي، مرور سيارات رباعية الدفع وبداخلها شبان ملتحون ويعتمرون القبّعات تجول في البلدة، التي تشهد حركة ناشطة من سياح وزوّار وعابرين صيفاً، كون عين إبل تقع على الطريق الرئيسي الذي يربط قطاعي المنطقة الشرقي والغربي، أي الخطّ الممتدّ من الناقورة ساحلاً وصعوداً نحو قضاء بنت جبيل، وصولاً إلى مرجعيون وحاصبيا، غير أن أحداً لم يتوقّع تعرّض الياس الحصروني لجريمة قتل.
وأفادت معلومات لـ»نداء الوطن» أن إحدى السيّدات وقبل وقوع الحادث كانت متوجّهة لإيصال رفيقتها إلى منزلها وسلكت نفس الطريق وصادفت سيارة من نوع CRV لون رصاصي وشاهدت بداخلها شخصين ملتحيين يرتديان «كاسكيت»، اشتبهت بوجودهما ولدى عودتها إلى منزلها، رأت سيارة «جيب هيونداي» لونها داكن متوقفة على جنب الطريق، حيث أقلعت لدى وصول الـCRV قربها، الأمر الذي أثار فضولها وأخذت رقمها، وأعلمت أحد المقربين منها بالأمر، من دون أن يأخذ الموضوع على محمل الجدّ، ليتبيّن بعدها وفق تحقيقات الأجهزة الأمنية أنّ الأرقام مزوّرة.
ولفتت المعلومات إلى أنّ «الطبيب الشرعي قد حضر لمعاينة الجثة في اليوم الثاني وليس ليلة وقوع الجريمة. وأضافت أن «عناصر من القوى الأمنية قد حضرت إلى مكان الحادث لرفع سيارة المغدور قبل بدء التحقيقات، غير أنّ شبّان المنطقة الذين حضروا لحظة شيوع الخبر، تمكّنوا من إقناعها بضرورة إبقاء السيارة في مكانها إلى حين انتهاء التحقيقات».
وعن عدم عرض هذه المعطيات والبوح بها أمام الرأي العام، أكد مصدر مقرّب من المغدور «أننا لحظة معرفتنا بوقوع الجريمة، شكّكنا في السردية المتداولة بأنّ العملية قضاء وقدر»، مضيفاً أنه «قبل الدفن طالب أحد الأشخاص بفتح تسجيلات الكاميرات في المنطقة المحيطة، لنرى إذا كان هناك أي حركة غريبة أو لافتة، ولدى مشاهدتنا الفيديو الذي يوثّق الهجوم على سيارة الحنتوش، رفعناها مباشرة إلى أحد الأجهزة الأمنية، الذي طلب منّا التكتّم على الموضوع من أجل سرية ومصلحة التحقيق. ولا نعلم من سرّب المعلومات أو الفيديوات».
ويعتقد المصدر أن الجريمة مقصودة وتحمل رسائل متعددة خصوصاً أنها وقعت في منطقة تبعد عن نقطتين للجيش اللبناني، الأولى في مدرسة عين إبل الرسمية التي تبعد حوالى 200 متر عن مكان وقوع الجريمة، والثانية في أول بلدة رميش لجهة عين إبل والمسافة ذاتها تقريباً، إضافة إلى وجود ثكنة للقوات الدولية في المنطقة.
إستنكارات
ما تكشف في الساعات الماضية قوبل بموجة ردود مستنكرة ابرزها لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي لفت في بيان إلى أنه «تبيّن في اليومين الماضيين، أنّ وفاة رفيقنا الياس الحصروني في عين ابل، لم تكن نتيجة حادث سير كما ظهر في المعلومات الأوّليّة. إذ تبيّن ومن خلال كاميرات المراقبة الخاصّة في المنازل المجاورة لمكان الحادث، أنّ كميناً محكماً مكوّناً أقلّه من سيارتين قد أُقيم لرفيقنا الياس، وعند مروره خُطف من قبل أفراد الكمين الذين يقُدّر عددهم بين ستة وتسعة أشخاص، إلى مكانٍ آخر حيث قتلوه».
وأكد جعجع أنّ «هذه المعطيات الجديدة أصبحت بحوزة الأجهزة الأمنية وبخاصة مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، لذلك، المطلوب كشف هويّة الفاعلين بأقصى سرعة ممكنة، نظراً لدقّة الوضع في عين ابل والقرى المجاورة، ونظراً للنتائج التي يُمكن أن تترتّب عن هذه الجريمة في حال لم يتمّ الكشف عن الفاعلين».
من جهته، قال رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل «لن نستنكر ولن نطالب بمعرفة الحقيقة، فهي واضحة وضوح الشمس في منطقة أمنية معروفة الهوى. بالأمس في المجدل واليوم في عين إبل وغداً في أي منطقة من لبنان». وتابع: «الوطن مخطوف واللبنانيون رهينة ونحن في حالة صمود ومقاومة ولن ينالوا من عزيمتنا».
وكتب النائب سعيد الاسمر عبر منصة «إكس»: «صحيح أنك سلّمت الشعلة في منطقة بنت جبيل ولكن أثر أفعالك وتضحياتك نابض حتى في غيابك. رفيقي الياس الحصروني، كما عهدناك صوتاً للحق والحقيقة ولا تخاف الّا الله، نُعاهدك أنّنا لن نسمح بلفلفة جريمة الغدر أو تمييع التحقيقات حتى الوصول إلى الحقيقة ومعاقبة المجرمين، خفافيش الليل الجبناء، وإنزال أشدّ العقوبات بهم مهما كانوا وإلى أيّ جهة انتموا. لروحك الرحمة والسلام ولعائلتك ورفاقك الصبر والسلوان».
وسارع أهالي عين إبل الى اصدار بيان قالوا فيه إنّه «تبيّن الخيط الأبيض من الأسود، وتبيّن معه أن آلة القتل ويد الغدر هي التي امتّدت على بطلٍ من بلاد الأرز، هو الياس الحصروني، وأنه لم يسقط بحادث سير، ولا قضاءً وقدراً، بل سقط بعملية معدّة ومدبّرة سلفاً، أراد من خلالها القتلة أن يبتكروا أسلوباً جديداً بعيداً من الشُبهات، وهو الإيحاء بأن حادث سير أودى بحياة المسؤول القواتي الياس الحصروني».
وتابع البيان: «نعم، حتى باستشهادك يا الياس أردت ان تُضيء لنا على ملفات أوحت السلطة أنها قضاء وقدر، إنما آلة القتل قد سقطت في شِباك حقيقة استشهادك. إنها الحقيقة المرة، وهي أن مَن يُفترض بهم أن يكونوا شركاء فعليين في لبنان، ها هم يُمارسون دور الشركاء الفعليين للأعداء، فلا يُجيدون سوى القتل والتصفية والغدر والاغتيال… تعدّدت الأساليب لديهم، إلا أنّ القاسم المشترك يبقى القتل والغدر والتصفية، وكلها من شيم الأتباع الذين يُطلقون على أنفسهم ألقاباً أقلها أنهم أشرف الناس، فيما هم أحقر الناس وأكثرهم دموية وإجراماً…».