ما زال التخبط السمة الأكثر واقعية للحالة اللبنانية الراهنة: تخبط في السياسة وإرباك في قطاع الكهرباء التي «كهربت» العلاقة بين وزيرين في حكومة تصريف الأعمال حول صفقة «فيول» لمصلحة كهرباء لبنان، فوزير الطاقة وليد فياض عقد الصفقة متفردا بقيمة تصل الى 80 مليون دولار، ووزير المال يوسف الخليل يرفض صرف الأموال له لعدة أسباب وجيهة، أبرزها أن خزانات النفط التابعة للدولة ملأى بالفيول العراقي، كما أن وزير الطاقة وليد فياض عقد الصفقة مباشرة ودون الرجوع إلى هيئة الشراء العام ودون إجراء مزايدة رسمية.
ويذهب البعض الى ربط هذا الاشكال الوزاري بالعلاقة غير السوية بين رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يعد وزير المال محسوبا عليه، وبين رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يغطي وزير الطاقة.
وتضاف الى هذه الإشكالية رفض حاكم مصرف لبنان المركزي بالإنابة وسيم منصوري تحويل رصيد كهرباء لبنان لديه بالليرة الى ما يقارب 37 مليون دولار، تحسبا لاهتزاز وضع الليرة المتماسكة حتى الآن، عند محور الـ 90 ألف ليرة للدولار، فضلا عن اقتناع منصوري بأن معالجة الوزير فياض للأزمة لا تتلاءم مع سياسة المصرف المركزي بإدارته الجديدة.
أما الوزير فياض الذي يرفض التشكيك بلزومية صفقة «الفيول» الجديدة، فقد بدأ يلوح بعدم استدامة مخططه لزيادة انتاج الطاقة، بمعنى إنقاص ساعات العتمة المديدة على اللبنانيين.
بدوره، رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تحويل حكومته الى «كيس ملاكمة»، وقال في تصريحات صحافيّة ردا على سؤال: مسألة الاعتكاف لم ترد في قاموسي حتى الآن، لكن اذا ظلت الأمور تنسج على منوال التعطيل وعدم التجاوب والتعاون ساعتئذ كل الاحتمالات واردة، وأضاف: دوما للصبر حدود.
ولفت ميقاتي الى أن ثمة من وضع في حساباته الضمنية أن يقطع الطريق علينا، من خلال عرقلة تصريف الأعمال وانه ماض في هذا النهج رغم تحذيراتنا.