“إستعصاء ثلاثي” يمنع الخرق الرئاسي

أقل من أسبوع وتنتهي المهلة التي منحها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان للنواب اللبنانيين كي يجيبوا خطياً عن سؤالين يتعلقان بمواصفات رئيس الجمهورية المقبل وبرنامج عمله. وعلى الرغم من الإهانة التي ألحقها موفد الاليزيه بلبنان، فقد ظهر باكراً أنّ ما طلبه الأخير هو عموميات، أي كلام بكلام، كما ظهر جلياً في ردّ «كتلة التنمية والتحرير» التي يترأسها الرئيس نبيه بري، والذي كان باكورة الردود التي ستمتنع عنها المعارضة.

وفي انتظار جلاء الفصل الجديد من المبادرة الفرنسية الشهر المقبل، والتي يلوح فشلها، سرت تكهنات أن اللجنة الخماسية من أجل لبنان تستعد للعمل بعد استنفاد الفرصة التي أعطتها للجانب الفرنسي. وبحسب هذه التكهنات، ستنطلق اللجنة نحو مقاربة الملف الرئاسي اللبناني بـ»حزم» ينطوي على فرض عقوبات على معرقلي الاستحقاق.

وفي إحصاء أولي لـ»نداء الوطن» تبيّن أن الكتل النيابية التي ستبعث بردودها المكتوبة الى السفارة الفرنسية قبل نهاية الشهر الجاري، هي: «الوفاء للمقاومة»، « لبنان القوي»، «اللقاء الديموقراطي»، «التوافق الوطني»، «الاعتدال الوطني» ، و»اللقاء النيابي المستقل».

كيف يبدو المشهد السياسي من المبادرة الفرنسية في هذه المرحلة؟ أجابت مصادر واسعة الاطلاع لـ»نداء الوطن»، «أنّ كل المؤشرات تدل الى أن المبادرة الفرنسية بنسختها الثانية تتجه نحو الفشل، لأنه لا مقومات لنجاحها. وسبب الفشل أنه لا يمكن لأية دولة أن تلعب دور الوسيط وهي في الوقت نفسه منحازة لطرف».

وأضافت: «منذ انطلاق المبادرة الفرنسية وصولاً الى رسائل لودريان، هناك تخبط وخروج عن الأصول الديبلوماسية والتعامل بين الدول وانحياز. وأمام كل هذه الأمور، لا يبدو أنّ الدولة الفرنسية تملك عناصر القوة والنفوذ في لبنان، كذلك يعتري الأداء الفرنسي الارتباك من قوى سياسية ممانعة تستخدم فرنسا لمصلحتها. وفي المقابل، تريد المعارضة من المجتمع الدولي أن يكون منسجماً مع مجلس الأمن وقرارات الجامعة العربية وحماية الدستور اللبناني، لذلك قررت المعارضة عدم الاجابة عن رسالة لودريان، لأن في ذلك تجاوزاً لأصول التعامل مع الدولة اللبنانية. وهناك أكثر من فريق مما يسمى النواب التغييريين غير متحمس ليبعث برسالة الى لودريان. ما يعني أنه لم يعد هناك أحد يراهن على هذه المبادرة». تابعت المصادر: «كان هناك في البدايات، بعد عودة لودريان الى لبنان، بعض الآمال في أن تفتح هذه العودة الباب للخروج من النفق الرئاسي، لكن بعد الضعف والارتباك الظاهرين، يمكن الاعتبار أن النسخة الثانية من المبادرة الفرنسية انتهت، وبالتالي فإنّ عودته مجدداً ستكون شكلية، ولم يعد هناك من رهان. الرهان الأساسي، هو على متغيّر ما سواء أكان داخلياً أم خارجياً، وحتى هذه اللحظة لا يمكن الحديث عن متغيّر، إلا إذا قرر جبران باسيل تبنّي سليمان فرنجية. وهو يعطي مؤشرات في هذا الاتجاه، لكنه لن يقدم في هذا المنحى. طبعاً نسمع بعض الأصوات تقول إن اتفاق الفريقين («حزب الله» و»التيار الوطني الحر») لا يلزم سائر الأطراف، لكن بالعكس، سيؤدي الى حالة تململ سياسية قد ترتد سلباً على هذا الثنائي».

على المستوى الخارجي رأينا زيارة ايرانية للسعودية ولا يبدو أنّ هناك انعكاساً لمناخ التقدم في هذه الزيارة على محاور الصراع، «الأمور باقية على ما هي عليه في انتظار حصول شيء ما على غرار ما حصل مع قائد «فاغنر»، أكان على المستوى السياسي أم الاقتصادي أم الخارجي يؤدي الى قلب الطاولة».

وخلصت المصادر الى القول: «في الانتظار أصبح الملف الرئاسي ثانوياً ولم يعد هناك أي رهان على اختراق رئاسي، إلا إذا تبدلت المعطيات الداخلية والخارجية أو انحدر الوضع الى الفوضى، لكن لا مؤشرات اليوم الى كل ذلك».

اترك تعليق