لا تزال البلاد تعيش وقع تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي ألمح خلالها إلى دور إيران في لبنان بشكل سلبي، وهو كلام يحمل في طياته أبعاداً كثيرة قد يكون لها تبعات على الملف اللبناني وعلى الاستحقاق الرئاسي بشكل خاص.
وفي القراءة ما بين سطور تصريح ماكرون، تعتبر مصادر سياسية مُعارضة أن “ماكرون يُحمّل طهران وحليفها في لبنان، أي “حزب الله”، مسؤولية تعطيل الاستحقاق الرئاسي وتعقيد مهمة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، بسبب الإصرار على ترشيح رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية”.
وإذ يُعد التصريح لا شك لافتاً من قبل ماكرون، لأنّ مواقف فرنسا في وقت سابق كانت واضحة لجهة الترويج لترشيح سليمان فرنجية، قبل أن تنتقل لدعم فكرة الحوار، فإن الكلام الجديد يشير إلى أن نظرة ماكرون قد تبدّلت، بحسب المصادر نفسها.
وتعتبر هذه المصادر أن “ماكرون كان ساند الموقف الإيراني في لبنان وأسلفه مواقف داعمة، كطرح ثنائية سليمان فرنجية ونواف سلام، والسعي لجمع الفرقاء على طاولة حوار، لكن في المقابل فإن إيران بقيت مصرّة على عدم التراجع عن ترشيح فرنجية واستمرار العمل لإنجاحه رغم معارضة غالبية مجلس النواب، وقد تكون إيران أبلغت فرنسا رسالة واضحة مفادها أنها لن تتراجع عن فرنجية ولو عُقد حوار في أيلول برعاية لودريان، ما يعني بالتالي فشل المبادرة الفرنسية من جديد”.
ويرى مراقبون لهذه التطورات أنها “مرتبطة بنية إيران عقد صفقة مع الولايات المتحدة وليس مع فرنسا، الأمر الذي يُثير غضب فرنسا على اعتبار أنها تعمل بجهد على الملف اللبناني، ولديها مصالح في لبنان والشرق الأوسط”.
عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم يُشير إلى أن خلفية الموقف الفرنسي المستجد “غير معروفة بعد، خاصة وأنها أعقبت فترة من العلاقات المتطورة بين باريس وطهران”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، يستبعد هاشم أن “تكون فرنسا قد غيّرت موقفها من الاستحقاق الرئاسي”، ويلفت إلى أن “لا مؤشرات تدل على أن باريس بدّلت موقعها في هذا الشأن، بانتظار ما ستشكفه الأيام المقبلة”. وتمنى هاشم ألا يكون لبنان ساحة للتجاذبات الإقليمية، وأن “لا يتأثر بأي توتر دولي يستجد، لأنّه بغنى عن أي مستجدات سياسية متشنجة في ظل حاجته الماسة لإجراء الاستحقاقات وإطلاق مسار التعافي”.
في المحصلة، فإن لبنان من جديد محطة إقليمية وصندوق بريد بين الدول المؤثرة، من إيران مروراً بفرنسا وصولاً إلى الولايات المتحدة، ومن الواضح أن حالة عدم الاستقرار الدولي ستترك أثرها على الملف اللبناني واستحقاقاته، بانتظار ما ستفرزه الأيام المقبلة.