ضغوطٌ دوليّة وراء دعوة برّي للحوار

إثر زيارة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي، آموس هوكشتاين، إلى لبنان بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، أقدم رئيس مجلس النواب نبيه بري على مبادرة سياسية جديدة بتوجيه دعوة إلى الأفرقاء على الساحة اللبنانية للذهاب إلى الحوار لمدة 7 أيام، على أن يدعو بعدها إلى جلسات متتالية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

ووفق ما تكشف مصادر متابعة لـ«الجريدة»، فإن دعوة بري جاءت بناء على ضغوط أميركية ودولية حول ضرورة انتخاب الرئيس، فأراد رئيس المجلس أن ينفي عن نفسه تهمة التعطيل، ورمى الكرة في ملعب قوى المعارضة.

وما إن دعا إلى الحوار، حتى تم رفض المسعى من حزب القوات اللبنانية، وحزب الكتائب، وكتلة تجدد، وبعض النواب التغييريين. ونجح بري بذلك في رمي الكرة بملعب المعارضة وتبرئة نفسه من مسؤولية التعطيل، فيما تعتبر المعارضة أن الدعوة تهدف إلى كسب الوقت، لأن رئيس مجلس النواب لم يتعهد بإبقاء الجلسات مفتوحة، ولم يلتزم بتأمين نصابها، إنمّا تحدّث عن جلسات متتالية، وبالتالي تعقد الدورة الأولى من كل جلسة، ليتم تعطيل النصاب في الدورة الثانية، فيرفع الجلسة، ومن ثمّ يدعو إلى جلسة جديدة.

وتأتي مبادرة بري بالتزامن مع تمسّكه إلى جانب حزب الله بترشيح سليمان فرنجية، فيما يواصل الحزب مفاوضاته مع رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل لاستقطابه. وفي هذه العملية، ستبقى قوى المعارضة خارج المشهد، لا سيما في حال تم الوصول إلى نقاط مشتركة بين الحزب و«أمل» والتيار الوطني الحرّ، سواء بالاتفاق على فرنجية، أو بالاتفاق على مرشح ثالث، كما يفضّل باسيل، خصوصاً أن الاحتمال الأخير يتيح للحزب وباسيل القدرة على انتخاب رئيس بغضّ النظر عن موقف قوى المعارضة التي لن تكون قادرة حينها على تعطيل النصاب.

رفض المعارضة المشاركة في الحوار، أو الدخول في تسوية مسبقة، ينطلق من خلفيات متعددة، أولها عدم إعطاء الشرعية لتحرّكات بري، لأن المعارضين يعتبرونها غير دستورية، ويجب عليه الذهاب إلى إبقاء المجلس مفتوحاً إلى حين انتخاب الرئيس. ثانيها، ترفض قوى المعارضة التسليم بالمسار الذي يرسمه حزب الله سياسياً، أو من خلال التسويات التي يقترحها. أما ثالثها والأهم، فهو اعتبار قوى المعارضة أن الحزب وبري سيتعرضان للمزيد من الضغوط الدولية والإقليمية. وهذه الضغوط بدأت ملامحها تظهر من قرار مجلس الأمن الدولي بالتجديد لقوات اليونيفيل الدولية العاملة في الجنوب، بشكل لا يتلاءم مع المطالب اللبنانية، ويسمح لـ «اليونيفيل» بحرية الحركة.

وترى المعارضة أن مثل هذه الضغوط ستتزايد، ومن ضمنها التلويح بفرض عقوبات، وهو ما سيدفع حزب الله وبري إلى الذهاب للبحث عن خيار جديد، أو اعتماد مقاربة جديدة بشكل لا يتمكنان من الاستمرار بالوقوف على نفس الموقف.

وهناك قناعة لدى قوى المعارضة بأن موقف الثنائي الشيعي سيضعف في المرحلة المقبلة، نتيجة الضغوط. بينما الأمر مختلف بالنسبة إلى حزب الله الذي لا يبدو أنه في وارد تقديم أي تنازل، خصوصاً بالنظر إلى فحوى اللقاءات التي عقدها وزير خارجية إيران، ولقاء نصرالله برئيس المكتب السياسي في حركة حماس، صالح العاروري، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، من خلال الإصرار على معادلة وحدة الجبهات، والجاهزية الكاملة للرد على أي استهداف أو اعتداء، إضافة إلى الإمساك بالوضع بشكل كامل في الجنوب، مما يجعل الحزب هو صاحب القرار بأي أمر يتعلق باتفاق محتمل لترسيم الحدود الذي ترغب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بتحقيقه، والذي عندما يحصل سيتقاضى الحزب وحده ثمنه سياسياً، وهو ما قد ينعكس بالنسبة إليه على رئاسة الجمهورية.

اترك تعليق