لم “يهضم” وزير الطاقة والمياه وليد فياض بعد، قرار اللجنة الوزارية الخاصة بملف الطاقة برفض الموافقة على عقد الشراء الموقّع مع شركة “كورال” المتعلّق بشراء شحنة الغاز اويل، والذي اتخذه فياض من دون العودة الى اللجنة، كما ينص قرار مجلس الوزراء.
وجديد هذا الملف توجيه وزير الطاقة كتابا الى رئاسة الحكومة و”لجنة تقييم خطة الكهرباء الوطنية” اعلمهم فيه “بالغاء عقد الشراء الموقع مع شركة كورال”، المتعلق بشراء شحنة الغاز اويل، وذلك اثر عدم وجود امكانية فتح الاعتماد المطلوب لتغطية ثمن الشحنة”.
أما اللافت فهو ما تضمّنه الكتاب من تحذير من عتمة شاملة قد تحصل خلال شهر تشرين الأول.
وجاء في الكتاب “بحسب خطة مؤسسة كهرباء لبنان الوطنية، ووضعية مخزون المحروقات لديها بحسب ما عرضت بتاريخ 2023/08/28، وبالاستناد إلى مواعيد وصول شحنات الغاز أويل المرتقب وصولها بموجب عقد توريد المحروقات العراقي خلال شهري أيلول وتشرين الأول، وبسبب إلغاء شحنة الغاز أويل موضوع المناقصة العمومية التي جرت بتاريخ2023/06/27 ، فإن وضعية المخزون ستصل إلى المستوى الحرج خلال شهر تشرين الأول من العام 2023 والأمر الذي سيؤدى إلى احتمال إما وقوع العتمة الشاملة والانقطاع التام للتيار الكهربائي، أو تخفيض التغذية بالتيار الكهربائي، وهو الأمر الذي تتحمل مسؤوليته وتبعاته كل من رئيس اللجنة الوزارية والجهات المعنية التي رفضت فتح الاعتماد المستندي ذي الصلة.
أوساط حكومية معنية استغربت اصرار وزير الطاقة على قلب الحقائق والايحاء بأن رئيس الحكومة واللجنة الوزارية مسؤولون عن تعطيل خطة الكهرباء، في حين ان المشكلة الاساس هي في اصرار الوزير، للمرة الثانية، على وضع اللجنة امام الامر الواقع ومحاولة فرض ادخال باخرة الغاز اويل قبل اخذ موافقة اللجنة وتوفير الاعتمادات اللازمة. وهذا الامر، تابعت الاوساط الحكومية المعنية، ترك علامات استفهام كثيرة، ودفع رئيس الحكومة الى تقديم إخبار الى المدعي العام المالي علي ابراهيم، اشار فيه الى انه “تواترت أخبار تُفيد بوجود عمولات وسمسرات لقاء عمليّة الشراء في وقت تَحدّث البعض عن أنّ نسبة هذه العمولة بلغت 5% من قيمة الصفقة الإجمالية البالغة حوالي /59/ مليون دولار أميركي”.
ولفتت الاخبار الى “أنّ تَسلسل الأحداث يُلقي ظلالاً من الشكّ حول وجود شُبهات بوجود تَجاوزات ومُخالفات يَقتضي في حال ثبوتها مُحاسبة مُرتكبيها، ما يَستدعي وضع هذا الملف بين أيديكم طالبين فتح تحقيق شامل ومُوَسّع بالموضوع وكشف ما إذا كان هناك أي إرتكابات، مُخالفات أو تَجاوزات إرتُكبت في الشأن المعروض، وفي حال الإيجاب إجراء المُقتضى القانوني”.
وفور ارسال هذا الاخبار، وجه وزير الطاقة والمياه كتابا الى اللجنة الوزارية يطلب فيه اتخاذ القرار النهائي بشأن الباخرة، فرد رئيس الحكومة بكتاب جاء فيه: “إن حريّة التصرّف بالباخرة يعود أمر تقريره إلى الوزير لدفع أي ضرر، وتدارك أي تعويض لا تُسأل عنه الحكومة، وقد يَترتّب بنتيجة الخطأ المُرتكب من قبله على النحو الذي أقرّ به صراحةً في الإجتماع الأخير للجنة عندما أوضح أمام جميع أعضاء اللجنة بأنّ تصرفه بالمُضيّ قُدماً في عملية الشراء دون الحصول على موافقة اللجنة المُسبقة والواضحة والصريحة يُعتبر من قبيل الخطأ غير المقصود، وبالتالي فإنّ إقتراحكم بالعدول عن طلب الباخرة يَضحى الحلّ المُناسب للموقف الراهن الناتج عن الخطأ المُرتكب من قبلكم ويقتضي السير به علماً أن هذا الموقف يمثل رأي رئيس وأعضاء اللجنة على النحو الذي أعلن صراحةً خلال إجتماعات اللجنة،مع الإشارة أخيراً إلى أمرين، الأول، وهو أنّنا ومن موقعنا المسؤول تواصلنا مع وزارة المالية ومصرف لبنان وأكدّوا تعذّر فتح الإعتمادات المطلوبة حالياً، والثاني هو أن ترك اللجنة الخيار للوزير بحريّة التصرّف بالباخرة لا ُيفيد على الإطلاق تبنّيها للتصرّف غير المسؤول الصادر عنه، سواء في ما يتعلّق بالشحنة الراهنة أم بأيّ عملية سابقة مَشوبة بالشوائب عينها المُشار إليها آنفاً، ولا يُشكّل بأيّ حال من الأحوال، تجاوزاً أو تداركاً للخطأ الذي ارتكبه الوزير بحسب إقراره الواضح والصريح وما قد ينتج عنه من نتائج وتَبعات لا تُسأل عنها الدولة اللبنانية”. انتهى كتاب رئيس الحكومة.
وفي سياق متصل كان لافتا تسريب “التيار الوطني الحر” اجواء تفيد” عن انزعاجه الشديد من تصرفات وزير الطاقة وعدم تغطية رئيس” التيار” النائب جبران باسيل اعمال الوزير لكونه لا ينتسب اصلا الى “التيار” الذي لا يتدخل بتاتا في عمل الوزارة”.
اوساط معنية علقت على تسريبات “التيار” بالقول: لن نجادل في ما تم تسريبه، لكن الاكيد ان الوزير فياض هو وزير يمثل “التيار” ويلتزم بقرار رئيسه بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء”.
وبالتزامن ترددت امس معلومات عن خلاف حاد بين فياض والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك بشأن مقاربة الملف النفطي ما حدا بطلب حايك اجازة لثلاثة تشهر رفضها الوزير، فلوّح حايك بتقديم استقالته.
ولم يعرف بعد الى ما آل اليه الوضع بين الرجلين.