تقارب حاضرة الفاتيكان القضية اللبنانية استناداً إلى نموذج شعب فريد في تنوّعه، والأهم أنه قادر على «فعل القيامة كلّما حلّت به وبوطنه النكبات والمآسي». هذا ما يقوله دبلوماسي مخضرم عائد للتوّ من روما، الذي يضيف جازماً «مخطئ من يظنّ أنّ لبنان ليس في أولويات قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، فهو حاضر دوماً في دبلوماسيته الصامتة».
ويوضح المصدر: «منذ ما قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، تحرّك الكرسي الرسولي عبر سفرائه في دول القرار الدولي والإقليمي والعربي والتي لها تأثير مباشر على القضية اللبنانية، وتمّ تكوين صورة واضحة عن حقيقة الأزمة، التي خلافاً لكل ما يشاع عن أنّها أزمة نظام فقد تبيّن أنّها أزمة قيادات وعدم تطبيق الدستور»، وحدّدت الفاتيكان على ضوء ذلك مساراً واقعياً لمعالجة الأزمة، وأقدمت على خطوات ظلّت بعيدة من الأضواء لا بدّ أنها ستثمر قريباً نتائج إيجابية».
ويستعيد المصدر «الزيارة التي خصّها الكرسي الرسولي لقائد الجيش العماد جوزاف عون حين عقد لقاءً مطوّلاً مع أمين سر حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الذي أنصت إلى عرض تفصيلي حول كل الملفات الأساسية وأبرزها ملف النزوح السوري الذي كانت لدى الفاتيكان صورة مغايرة عن مخاطره، وكيفية لعب لبنان دوره الطبيعي على صعيد المنطقة والعالم، فضلاً عن المعالجات لبقية الأزمات، وكان لمقاربة القائد وقع خاص لدى بارولين».
ما الجديد الفاتيكاني الذي سيحصل خلال الأيام القليلة المقبلة؟
يكشف المصدر «عمّا أسماه مفاجأة للقوى السياسية في لبنان، تتمثل في لقاء أيلول الذي سيعقد في خلال أيام ويترأسه الكاردينال بارولين ويضمّ ممثلين عن الدول الكبرى، للبحث في الملفات الساخنة في العالم لا سيّما الحرب الأوكرانية والوضع في الشرق الأوسط، وسيكون للملف اللبناني حيّز في الاجتماع حيث ستتمّ مقاربته من زاوية أنّ المدخل لمعالجة الأزمات في لبنان يتمثل في انتخاب رئيس للجمهورية قادر على جمع كل الفرقاء، موحِّد وغير مرتهن، وآن الأوان لحسم هذا الملف وإنهاء خلوّ سدّة الرئاسة بلا إبطاء، ومن غير المستبعد أن يسمع ممثلو الدول الكبرى مقاربة محدّدة لموقع الرئاسة، خصوصاً أنّ هناك اسماً وحيداً يحظى باقتناع فاتيكاني لن تتأخر الفاتيكان عن طرحه طالما أنّ العجز الداخلي اللبناني مقيم ومستمرّ».
ويؤكد المصدر «أنّ مسار ولوج الحل للأزمة الرئاسية قد انطلق، وأنّ هناك إرادة دولية بعدم الاستمرار بالدوران في حلقة مفرغة، خصوصاً أنّ هناك تعمّداً داخلياً لتعطيل كل الحلول المطروحة، سببه طموحات شخصية وحسابات ضيّقة من المستحيل أن تنتج حلولاً، في وقت يمرّ لبنان في أخطر مرحلة في تاريخه، إذ إنّ التهديد الذي يتعرّض له كياني ووجودي».