بدأت المستشفيات في لبنان تعمل على الحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي طالتها، على غرار مختلف القطاعات في لبنان، وذلك عبر اتخاذ قرار الدمج، تفادياً للوصول إلى مرحلة الإقفال. وقد تم دمج 6 مستشفيات صغرى مع 3 مستشفيات جامعية حتى الآن، في وقت لا تزال فيه المحادثات جارية لتوسيع الدائرة، وفق ما يقول نقيب أصحاب المستشفيات في لبنان، سليمان هارون.
يأتي هذا القرار بعد عدة تحذيرات سبق أن أطلقتها المستشفيات نتيجة الأزمة الاقتصادية التي أدَّت إلى تعثر عدد كبير منها، إضافة إلى مشكلات أخرى مرتبطة بهجرة الأطباء والممرضين نتج عنها إقفال أقسام كاملة في بعض المستشفيات.
ويوضح هارون قائلاً: “تعثر المستشفيات نتيجة عوامل عدة؛ فإضافة إلى الأزمة المالية التي أدَّت إلى تلويح المستشفيات بالإقفال، فإن هناك نقصاً في العناصر البشرية التي هاجرت من لبنان، وبالتالي جاء قرار الدمج في محاولة لإبعاد شبح الإقفال عن هذه المستشفيات، لا سيما أن معظمها يقع خارج المدن الرئيسية، ما سينعكس سلباً على المواطنين في هذه المناطق”.
ويلفت هارون إلى أن تفاقم الأزمة المالية جاء نتيجة تأخُّر الدفع من الجهات الضامنة التابعة للدولة اللبنانية، إضافة إلى التعريفات المتدنية والتراجع الملحوظ لعدد المرضى، مع تراجع قدرة الناس المادية وتفادي المواطنين الذهاب إلى المستشفيات والمراجعات الطبية لعدم قدرتهم على دفع المبالغ الكبيرة، وغياب التغطية اللازمة والكاملة من قبل الجهات الضامنة.
ورغم أن المستشفيات باتت تفرض الدفع بالدولار الأميركي، أو وفق سعر الصرف في السوق السوداء، يؤكد هارون أن هذا الأمر لا يمكن أن يغطي كل التكاليف، حيث إن عدد المرضى الذين كانوا يدخلون إلى المستشفيات، قبل عام 2019، تراجع بنسبة 40 في المئة، بعدما كان يصل إلى 850 ألفاً سنوياً، إضافة إلى أن التعرفات التي كان معمولاً بها بعد الأزمة لم تعد تتعدى الـ65 في المئة مما كانت عليه قبل الأزمة، هذا في حين أن كل المصاريف التشغيلية تُدفع بالدولار الأميركي، نظراً لأن معظم التجهيزات والمستلزمات مستوردة من الخارج.
أما عن هجرة العناصر البشرية، فالمشكلة تكمن، بحسب هارون، في أنها تتركز على من يُعدّون من العناصر «الجاذبة» في هذا القطاع، أي مَن هم في عز عطائهم، وباتوا يملكون الخبرة الكافية والإنتاجية المتميزة، وتتراوح أعمارهم بين 40 و50 عاماً، واختاروا الهجرة مع عائلاتهم، أي أن عودتهم لن تكون سهلة، مذكّراً بأن هذا الأمر أدى إلى اتخاذ أصحاب المستشفيات قراراً بإقفال بعض الأقسام.
من هنا، يرى هارون أن الدمج كان أفضل الممكن، وإن كانت فعاليته محدودة من الناحية المادية، ولكن يبقى أفضل من الإقفال، وهو على عكس اعتقاد البعض، سيؤمن مزيداً من فرص العمل للعاملين في القطاع الطبي، وسيخضعون لبرامج تدريب عالية المستوى، علماً بأنه لن يكون للمستشفيات الكبيرة القدرة على دمج كل المستشفيات المتعثرة؛ إذ إنه يمكن القول إن رُبع المستشفيات في لبنان التي يبلغ عددها 130 متعثرة، وليست مفلسة، مقابل 4 أو 5 مستشفيات كبرى قادرة على عملية الدمج وليس أكثر.
والمستشفيات التي شملها الدمج حتى الآن، هي “سيدة السلام”، و”تل شيحا” و”القرطباوي” و”سان شارل”، التي انضمت إلى مستشفى “أوتيل ديو”، في حين بات مستشفى كسروان الطبي تحت إدارة مستشفى “الجامعة الأميركية”، أما مستشفى “البرجي”، فبات خاضعاً لإدارة مستشفى “الروم” في بيروت.
وعن آلية الدمج، يوضح هارون أن المستشفيات المتعثرة التي تم دمجها ستكون خاضعة إدارياً للمستشفى الجامعي الذي دُمجت معه، وهو ما من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الخدمات التي تقدمها هذه المستشفيات.
أما من الناحية المالية، فتختلف الأمور بين مستشفى وآخر وفقاً للعقد الذي وقَّعه وشروطه، وتتراوح مدته بين 10 سنوات و50 سنة.