في حال وقعت الحرب: هل تُفتح البيوت امام النازحين؟

فتح اللبنانيون عام 2006 مناطقهم وبيوتهم لنازحي القرى الجنوبية الذين اضطروا الى ترك منازلهم بفعل العدوان الاسرائيلي على لبنان والذي نال الجنوب الحصة الاكبر من قنابله وغاراته. في ذلك العام كانت بيئة حزب الله الحاضنة تمتد على طول الـ 10452 كلم2 ولم تخشَ القيادة الحزبية من تلك الحرب فأوصلت الرسالة المطلوبة على المستوى الاقليمي وأظهرت قوة الحزب العسكرية في الميدان والتعاطف الكبير من قبل اللبنانيين وتضامنهم مع الجنوبيين.

اليوم تطرح التغييرات التي حصلت على مدى سنوات السؤال عن البيئة الحاضنة للحزب على المستوى الداخلي وما اذا كانت هي نفسها قبل 17 عاما أم أن المحطات الكثيرة التي شهدها لبنان والاقليم بدَّلت المزاج الشعبي ولم يعد حزب الله القوة المقاومة للبنان بالنسبة للبعض بعد اغراقه بوحول الساحة اللبنانية وانخراطه العسكري في سورية والعراق وصولا الى اليمن.

جملة اعتبارات يأخذها الحزب على محمل الجد ويتعامل معها بدقة ويطرحها للنقاش في معرض حديثه عن احتمالية نشوب حرب مع اسرائيل وما اذا كان باستطاعته الاعتماد على الخاصرة الداخلية أم ان التغيير الذي احدثته السنوات الماضية قد ينعكس سلبا عليه.

يتخوف الحزب من الوضع الداخلي المأزوم على المستويين الاقتصادي والسياسي، ولا رغبة لديه بفتح جبهة الجنوب الا اذا فرضت تطورات قطاع غزة ايقاعها على الجبهات الاخرى المتصلة بمحور الممانعة، وذلك لادراكه المسبق ان الثمن سيكون باهظا عليه وستكلفه فرض هيبته على الساحة الداخلية ولو بالقوة. وبعيدا عن مزايدات المقربين من خط الحزب وتأكيدهم بأن لبنان سيكون واحدا في وجه اسرائيل، فإن ما يدور في كواليس القوى الحزبية الرافضة لسياسة حزب الله لا يعكس تقبل هذه البيئة لأي خطوة قد يُقدم عليها حزب الله جنوبا. فالشارع السني الذي يُهلل اليوم لما يحصل في غزة ويُبارك لحماس والجهاد انتفاضة القطاع ضد اسرائيل قد يتعامل مع العدوان الاسرائيلي على لبنان بصورة مغايرة لأن الضربة ستكون لايران ولممثلها في لبنان، وسيتعامل مع هذا الحدث من منطلق طائفي لا لبناني، وسيسترجع صورة السابع من أيار حين أدار الحزب سلاحه المُصوب نحو فلسطين المحتلة باتجاه بيروت وأهلها. هذا الشارع الممتد من صيدا الى بيروت وطرابلس لن يكون حكما الى جانب اسرائيل فالعداوة معها من المسلمات ولكنه في المقابل، لن يساهم بانتصار حزب الله ويعود فيما بعد ليُطبق سيناريو ما بعد العام 2006 ويُعيد تجربة السابع من ايار، وهذه المرة ستكون أكثر ايلاما بالنسبة اليه، وبالتالي فإن الخشية من تعامل هذه البيئة مع النازح الجنوبي في حال اندلاع الحرب. وهذا الشارع ايضا المكوي من نار النزوح السوري، مُتخم أيضا من الاعداد الكبيرة التي استوطنت بلداته ومدنه ولا قدرة لديه على استقبال المزيد من النازحين في ظل وضع اقتصادي صعب وحصار قاس على الشعب اللبناني نتيجة سياسة حزب الله المعادية لكل الانظمة العربية وتحديدا الدول الخليجية، وباعتقاد الشارع السني فإن الامور لا تستقيم الا بتغيير نهج الحزب ولبننة خطابه ومشروعه.

اما الشارع المسيحي، فهو الآخر في تخبط. فحرب الـ 2006 التي جاءت بعد اشهر قليلة من توقيع اتفاقية مار مخايل بين التيار الوطني الحر وحزب الله تعرضت بعد اعوام الى انتكاسات بالجملة لاسيما داخل بيئة التيار التي تعرضت بدورها لانتكاسات متتالية بفعل التحالف مع الحزب ودفاع الاخير عن خصم التيار اللدود الرئيس نبيه بري، اضافة الى ارتفاع النقمة التي انتهجتها ثورة 17 تشرين واستغلها حزب القوات اللبنانية وجيَّرها لصالحه فتوسعت شعبية خطابه السياسي الذي يُحاكي فيه النَفَس المسيحي على حساب التيار، وهو خطاب بطابع هجومي على حزب الله وسلاحه، الى حد توسعت من خلاله روح الكراهية للبيئة الشيعية الموالية للحزب عند القواتيين الذين لا يخفون مناصرتهم لأي دولة قادرة على نزع السلاح غير الشرعي الذي ساهم بانهيار الدولة.

في جعبة حزب الله الكثير من السيناريوهات لمواجهة أي حرب آتية مع اسرائيل، فهو يدرك حتمية التغيير الداخلي ويتصرف بواقعية معه ولا يمكن أن يبقى مكتوف اليدين مع هذا الواقع ولديه أيضا خطته العملية لمواجهة ما يصفه “بتمرد” القوى الداخلية بوجهه.

اترك تعليق