الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة بغطاء غربي وقح يضعها في خانة جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وهي تعطي صورة واضحة ليس فقط عن همجية قوات الإحتلال التي إعتاد عليها الفلسطينيون والعرب، إنما همجية المواقف الداعمة لها من دول تدّعي حضارة وإنسانية زائفة. فمشاهد القتل والدمار في قطاع غزة يندى لها جبين الإنسانية التي تقف متفرجة على مذبحة العصر التي لم تتوقف أصلا منذ قيام الكيان الغاصب.
ومع المذبحة الإسرائيلية المتواصلة لليوم السادس على التوالي، تواصل الولايات المتحدة وبعض دول الغرب حشد إمكاناتها لمساعدة قوات الإحتلال على الفتك الذي تمارسه آلتها العسكرية، بالتوازي مع الدعم السياسي من دوائر القرار في عواصم تلك الدول، فيما بعض الدول العربية تواجه الموقف إما بتخاذل وإما ببيانات وتصريحات خجولة كالعادة.
في هذا الوقت قدِم وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن الى اسرائيل محرّضاً على قتل الشعب الفلسطيني، مفاخرا بأصله اليهودي، الامر الذي رد عليه الرئيس وليد جنبلاط بالقول: “ماذا عن الشعب الفلسطيني يا سيد بلينكن. اليسوا بشراً أم مجرد حيوانات كما يسميهم بعض اصدقائك الإسرائيليين؟”.
محليا كل الأنظار على الجنوب في ضوء الإعتداءات الإسرائيلية والحشود الضخمة في شمال فلسطين المحتلة، التي تثير المخاوف من إقدام إسرائيل على شن حرب ضد لبنان كما تفعل في.
وبالتوازي انعقدت أمس جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي، أكد خلالها الرئيس نجيب ميقاتي أهمية انعقادها في هذه الظروف، ووضع الوزراء بأجواء الاتصالات التي تلقاها من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وعدد من رؤساء حكومات الدول الاوروبية وغيرها بشأن تطورات الوضع في الجنوب، وجرت ومناقشة البندين الرئيسين على جدول الأعمال، الحرب على غزة والنزوح السوري. وأشار ميقاتي في نهاية الجلسة إلى أن الحكومة هي الأساس وخط الدفاع عن الدولة ولخدمة الناس وحماية لبنان، مؤكداً أن البلاد في مرحلة دقيقة ومقاطعة مجلس الوزراء لا تجدي.
في المواقف علق النائب السابق اللواء أنطوان سعد في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية على جلسة مجلس الوزراء بالقول إن الحكومة يجب ان تتولى تصريف الأعمال بالحد الادنى، ولا يمكنها ان تفعل اكثر مما تفعله في هذه الظروف في ظل الانقسام المتحكم بمكوناتها. وأكد سعد أنه مع تعذر انتخاب رئيس للجمهورية وانتهاء ولاية قائد الجيش في كانون الثاني المقبل يستوجب حل هذه المسألة منعاً للفراغ في القيادة العسكرية.
وتوقع سعد أن يبقى الوضع في الجنوب ممسوكا، وأضاف: “لدينا الخط الأزرق والقرار 1701 وترسيم الحدود البحرية، والاتصالات لم تتوقف لمعالجة النقاط الخلافية فما حصل في اليومين الماضيين كان نوع من رفع العتب”، مشدداً على تحييد لبنان في هذا الظرف الدقيق، متمنياً على حزب الله ان يفكر ملياً قبل الإقدام على أي خطوة.
وفيما الواقع المحلي المأزوم أساساً يرزح تحت ثقل التداعيات المرتقبة للحرب المشتعلة، فإن الخيار الامثل يبقى في الاستعداد اللوجستي الصحي الاجتماعي والشعبي والسياسي درءاً لما يمكن أن يحصل بحال إقدام العدو الإسرائيلي على شن عدوان على لبنان.