يُفاقِم العدو الإسرائيلي إجرامه، متفوقاً على نفسه في ارتكاب المزيد من الجرائم في فلسطين المحتلة، مُوقعاً الخسائر الكبيرة في الأرواح، مستهدفاُ الصحافيين بشكل مباشر، أدّى في جنوب لبنان إلى سقوط الصحافي المصوّر عصام العبدالله شهيداً وإصابة مجموعة من الزملاء، بعدما استهدف صاروخ العدو أطقم الصحافيين في منطقة علما الشعب.
وعلى الاثر، صدر عن مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي بيان، أشارت فيه الى أن “إسرائيل التي ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين تستهدف الصحافيين لمنعهم من كشف ارتكاباتها. كل الإدانة لجرائم إسرائيل، وكل التحية لأرواح الشهداء الصحفيين في فلسطين ولروح المصوّر عصام عبدالله الذي استشهد اليوم بجنوب لبنان، والتحية للصحافة التي تفضح وحشية الاحتلال”.
وفي غزة، فإنَّ كلّ البوارج الحربية وحاملات الطائرات الأميركية والأوروبية التي ترسوا قبالة شواطئ فلسطين المحتلة، والوعود الأميركية التي أغدقها على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن واستعدادات الجيش الإسرائيلي لإقتحام غزة للقضاء على “حماس” والتهديد باجتثاثها من أرضها، لم تبدّد حال القلق والخوف التي تسيطر على الجنود والمستوطنين الإسرائيليين بعد مرور أسبوع على طوفان غزة، إذ إنَّ هاجس الخوف والرعب من تكرار ما جرى في السابع من تشرين الأول ما زال يقض مضاجع الإسرائيليين، ويجعلهم عرضة للشائعات.
وفي وقت يشنّ فيه الطيران الحربي للعدو الإسرائيلي حرب إبادة جماعية بكلّ المقاييس ضدّ السكان العزل، مُخلّفاً آلاف الإصابات بين قتلى وجرحى وتدمير ممنهج للأحياء السكنية، يسود القلق على طول الخط الأزرق في جنوب لبنان مع خوف إسرائيلي من عمليات تسلل وإطلاق صواريخ باتجاه فلسطين المحتلة، وسط تعزيزات للجيش اللّبناني والحواجز الأمنية في بلدة كفركلا الحدودية، مانعاً المواطنين من الاقتراب من بوابة فاطمة حفاظاً على سلامتهم.
ووسط التوتّر السائد في المنطقة، حط وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان في لبنان الجمعة، مجرياً لقاءات مع كلّ من رئيسي المجلس نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، قبل أن ينتقل الى سوريا للقاء نظيره السوري فيصل المقداد، على أن يعقد صباح هذا اليوم مؤتمراً صحافياً يشرح فيه دوافع زيارته إلى لبنان وتداعيات حرب غزة، كما موقف إيران والقوى الدائرة في فلكها والمسار المتعلق بوحدة الساحات بعد تزايد الحديث عن فتح جبهة الجنوب ودخول حزب الله هذه الحرب.
في هذا السياق، استبعدت مصادر مواكبة فتح جبهة الجنوب ودخول حزب الله الحرب مع إسرائيل، لأن المعلومات المتناقلة من غزة تفيد بأنَّ المقاومة الفلسطينية هناك على جهوزية تامة للتصدّي لأيّ هجوم برّي على غزة والقطاع، إذ إنَّ حماس والفصائل الفلسطينية مستعدّة للمواجهة الميدانية مع العدو الإسرائيلي، وهم يملكون من مقوّمات الصمود والتصدي والاستبسال سيقفاجئ العالم بأسره.
في المواقف، وفي سياق الإتصالات التي أجراها عبد اللّهيان مع المسؤولين اللّبنانيين، وعمّا إذا كانت تتعلق بفتح جبهة الجنوب تطبيقاً لمبدأ وحدة الساحات، استبعد النائب بلال الحشيمي أن تكون زيارة عبد اللّهيان على علاقة بفتح جبهة الجنوب، قائلاً في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية إنَّه “لو كان حزب الله يريد الدخول في حرب مع إسرائيل لكان حصل ذلك منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى”، معتبراً أن “زيارة عبد اللّهيان هي لحفظ ماء الوجه لا أكثر”.
الحشيمي رأى أنَّ “الوضع في لبنان مختلف عمّا كان عليه عام 2006، فالإقتصاد كان مقبولاً والدول العربية كانت جاهزة للمساعدة، بعد رفض إسرائيل مبادرة الملك عبدالله وما سمّي بحلّ الدولتين، كما وأنَّ سوريا كانت قوية وقادرة على دعم المقاومة”، لافتاً إلى أنَّ “كلّ هذه الأمور يأخذها حزب الله بعين الإعتبار، ولذلك لن يدخل الحرب”.
وإذ استبعدَ الحشيمي اجتياح غزة، معتبراً أنَّ “كلّ ما تقوم به إسرائيل من تهويل يأتي بقصد ردّ الإعتبار ورفع معنويات جيشها المنهارة، لكن القصف والحصار لن يتوقف وقد تعمد إلى محاصرة غزة مدّة طويلة، لكنّها لن تتمكن من اجتياحها”.
من جهة ثانية، وتعقيباً عما تناقلته وسائل الإعلام عن عدم العثور على النفط والغاز في البلوك 9 والالتباس الكبير حول ما جرى، أشارت الخبيرة الجيولوجية لوري هايتيان إلى أنّها تنتظر البيان الرسمي الذي يصدر عن الشركة المنقّبة لإبداء رأيها، لأنَّ ما يتناقله الإعلام يبقى مجرد كلام بانتظار ما يصدر رسمياً عن “توتال”.
وقالت هايتيان في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية: “من المؤسف أن بعض السياسيين كانوا يؤكدون وجود النفط والغاز، وقد بنوا استراتيجيتهم على ذلك كي لا يقوموا بتنفيذ الإصلاحات التي فرضها عليهم صندوق النقد الدولي، لكن فرضيتهم ذهبت سدى”، معتبرةً أنَّ استئناف الحفر في البلوكين 8 و 10 يتوقّف على شركة “توتال” وشركة قطر للطاقة وموقف الدولة بطريقة درس العروض، وما إذا كانت الشركتان على استعداد للحفر واعطاء النتيجة في مدة قصيرة، مع أهمية الاستفادة من الدرس الذي تعلّمته في البلوكين 4 و 9، بالإضافة إلى شروع الدولة بتنفيذ الإصلاحات والاستفادة من صندوق النقد لإنقاذ الإقتصاد اللّبناني من الانهيار.
وعليه، فإنَّ التصعيد المستمر في غزة والانعكاس المباشر الذي يُمليه على الساحة اللّبنانية يُنذر بأنَّ الأمور ذاهبة نحو الأسوأ، لذا وجب تدارك الوضع المستجدّ لعدم دخول لبنان في حرب مُدّمرة تقضي على ما تبقى من مؤسسات الدولة، في ظلّ اللامبالاة التي يبديها المعنيون بالاستحقاق