في الوقت الذي يستعد فيه الجميع لاحتمال توسع حرب غزة لتشمل سوريا ولبنان وصولا الى ايران على وقع التصعيد الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة وما يوحي بأنها استعدادات لاجتياح بري للقطاع، يحاول سياسي لبناني بارز ان يقرأ بروية المشهد بعيدا عن اصوات المعارك والصراخ من اينما اتى. هو يتحدث عن ٤ عوامل تجعل انفجار المنطقة وتوسع رقعة الحرب الدائرة في غزة أمرا مستبعدا أقله وفق المعطيات الراهنة.
العامل الاول، عدم وجود مصلحة لاي من اللاعبين المعنيين مباشرة بالصراع بحرب كبرى. بدءًا بإسرائيل التي لا تزال تلملم قتلاها ولا تعرف عدد رهائنها لدى “حماس”. هي لا شك ورغم كل استعداداتها العسكرية لن تكون جاهزة للتعامل مع ضربات تأتيها من اكثر من محور خاصة بعدما بان ضعفها على المستويات كافة بعد عملية “طوفان الاقصى”، وبالتالي اي مغامرة بحرب ستعني ان وجودها ككل سيكون مهددا.
حتى محور المقاومة اي حزب الله وسوريا وايران لا يجد مصلحة بهكذا حرب يعلم تماما كيف يبدؤها لكنه لا يعلم كيف ستنتهي. وهو لو كان متحمسا لها لبدأ بالتوازي او بعيد عملية “حماس” التي حققت نتائج باهرة.
اما العامل الثاني فهو الموقف والقرار الاميركي. فبالرغم من كل ما يوحي بتصعيد اميركي تجلى بإرسال حاملة الطائرات الأميركية “يو إس إس جيرالد فورد” الى المنطقة والاستعداد لارسال اخرى، يؤكد المصدر ان كل ما تريده واشنطن تجنيب المنطقة هذه الحرب من خلال الضغط على محور المقاومة لعدم فتح الجبهات ككل بوجه “اسرائيل”، معتبرا انه قبيل الانتخابات الرئاسية الاميركية آخر ما يريده الرئيس الاميركي جو بايدن اشعال حرب في منطقة الشرق الاوسط والمشاركة فيها. واضاف: “أقصى ما ستقدمه حاملات الطائرات هو السماح للمقاتلات الاسرائيلية بالانطلاق منها في حال تم استهداف المطارات في اسرائيل”.
اما العامل الثالث الذي يجعل احتمال الحرب مستبعدا فهو الضغط الاوروبي الهائل لتجنبها وبخاصة ان اوروبا تعتمد هذا الشتاء على الغاز الاسرائيلي بديلا عن الغاز الروسي. وهي تعي تماما ان اول ما سيستهدفه حزب الله هو منصات الغاز في المياه الاقليمية الاسرائيلية، وهو ما كان قد اعلنه صراحة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي هدد صراحة بمنع “اسرائيل” من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش.
الا ان التفاؤل الذي يبديه المصدر معتمدا على المعطيات السابق ذكرها قد يتلاشى من دون سابق انذار. اذ يقول: “في ظل الوضع الراهن يبقى احتمال تدحرج الامور فجأة وبشكل دراماتكي قائما. ففي حال مثلا تطورت الامور على الارض بطريقة غير متوقعة او في حال كان هناك رد فعل غير محسوب لاحد الاطراف المعنيين بالصراع على حادثة معينة، فعندئذ ستسقط كل الاعتبارات خاصة ان كل القوى حاليا على سلاحها ومعظم المقاتلين باتوا خلف متاريسهم”.
ويعتبر المصدر ان الطرفين “اسرائيل” وحزب الله يمارسان منذ يوم السبت الماضي أقصى درجات ضبط النفس. وهما نجحا في ذلك الى حد بعيد بعدما بيّنت الحوادث والمناوشات التي شهدتها المنطقة الحدودية الجنوبية التزامهما المطلق بقواعد الاشتباك.
ويبقى هناك خطوط حمراء لمح اليها الحزب وايران، مرتبطة بانهاء المقاومة الفلسطينية وتهجير كل سكان غزة، خطوط لن يسمح بتجاوزها مهما كان الثمن.