على قاعدة “اللهمّ إنّي زرت” حطّ الوفد اللبناني الرسمي في دمشق للبحث في ملفّ النازحين السوريين الإثنين الفائت وعاد في اليوم نفسه مع صفر نتيجة تقريباً باستثناء المجاملات وتبادل النوايا الحسنة والقرار بتأليف لجان مشتركة وعقد اجتماعات تنسيقية للمتابعة، مع همّ مشترك طارئ تجلّى في مواكبة تداعيات حرب غزّة على كلّ من لبنان وسوريا معاً وتأثيرها المباشر على ملفّ النازحين.
الوفد الأوّل من نوعه منذ بدء تدفّق السوريين إلى لبنان عام 2011 ضمّ إلى وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، المؤجّلة زيارته من تموز الماضي، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد مصطفى والمدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري والعميد من الأمن العام مرشد سليمان، والقائم بأعمال سفارة لبنان في دمشق طلال ضاهر، والقاضي غسان الخوري من وزارة العدل للبحث في ملفّ المحكومين، فيما لم يضمّ الوفد السوري برئاسة وزير الخارجية فيصل المقداد أيّ مسؤول أمنيّ أو قضائي.
وَصَفَ الوزير بو حبيب زيارته بـ “التأسيسية” وتحدّث عن “تعاون في دمشق في ملفّ النازحين وعدم وضع شروط للعودة بل إجراءات من جانب الدولة السورية لتسهيل العودة”، لكنّ المعطيات تتقاطع عند تأكيد عدم وجود مؤشّرات جدّية تدلّ على احتمال حصول خروقات تؤدّي إلى تنفيس “قنبلة النازحين” في ظلّ قرار دولي كبير ببقائهم في لبنان، والذي أُضيفت إليه مخاوف لبنانية رسمية من احتمال تسلّل سوريين غير منضبطين في هذه المرحلة ودخولهم على خطّ الاشتباك الساخن جنوباً مع قوات العدوّ الإسرائيلي عبر مؤازرة الفصائل الفلسطينية الناشطة أمنيّاً على الحدود.
يجزم مطّلعون على الملفّ أنّ “الزبدة الأساسية التي عاد بها الوفد في ظلّ انشغال دمشق بملفّات أكثر إلحاحاً وضغطاً عليها وعدم وضع ثقلها لضبط الحدود بقاعاً وشمالاً والتملّص من أيّ خطة حكومية تعيد النازحين حتى إلى البقع الآمنة، تجلّت في اللقاءات مع مسؤولي مفوّضية اللاجئين ومكتب الأمم المتحدة في دمشق التي كرّست بما لا يقبل الشكّ التعنّت الدولي في “مقاومة” أيّ جهد لعودة أكثر من ثلاثة ملايين سوري إلى بلدهم”.
يقول مصدر مطّلع لـ “أساس”: “لم يسمع الوفد اللبناني من الجانب السوري ما يمكن اعتباره نقطة تحوّل في الملف، بل هو تكرار لما نعرفه سلفاً، خصوصاً لجهة تكاليف العودة، وربّما انعكس ذلك في صيغة البيان الرسمي للطرفين الذي غلبت عليه اللغة الإنشائية، فيما المعطى الأهمّ تجلّى في تثبيت “المفوضية” سياستها حيال اللاجئين بتغذية بقائهم على الأراضي اللبنانية بالفريش دولار، وطالما هم يرغبون ذلك، وفعل الأمر نفسه مع السوريين العائدين برغبتهم، مع شكوى تحتاج إلى تدقيق بتقلّص ميزانية مفوضية اللاجئين مقارنة بالسنوات الماضية”.
يراهن مشاركون في الوفد اللبناني على أن تحصل تطوّرات ملموسة أقلّه في ملفّ المحكومين، وهذه نقطة أساسية تخفّف عن كاهل السجون اللبنانية التي يقبع داخلها أكثر من 40% من المساجين ممّن يحملون الجنسية السورية لناحية إعادتهم إلى سوريا لقضاء محكوميّتهم هناك.
في سياق آخر، تنتهي نهاية الشهر الجاري المهلة المعطاة لـ UNHCR لتسليم داتا النازحين إلى السلطات اللبنانية التي لم تتمّ بعد، وتدور تساؤلات حول موقف الدولة اللبنانية في ظلّ تهديد المدير العامّ للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري بسحب إقامات موظفي “المفوضية العليا للّاجئين” أو منعهم من الاستحصال عليها في حال لم يسلّموا المعلومات المطلوبة قبل نهاية شهر تشرين الأول.