خفّف الاقتراح المُقدّم من القوات اللبنانية إلى مجلس النواب أمس “بتمديد تسريح رتبة عماد” لقائد الجيش من العبء الملقى على عاتق الرئيس نجيب ميقاتي بإيجاد مخرج للتمديد للعماد جوزف عون، لكنه أبقى الحكومة متأهّبة لـ “التدخل السريع” إذا سُدّت الطريق نحو ساحة النجمة. عملياً، ثمّة من يردّد: “مفتاح المجلس بيد الرئيس بري، وليس سمير جعجع”.
فدعوة رئيس كتلة “القوات” النيابية النائب جورج عدوان “لعقد جلسة تشريعية في الساعات والأيام المقبلة ببند وحيد فقط هو “تمديد التسريح” وإعادة تركيز الأنظار على دور مجلس النواب لا يُلغي المسار الناشط داخل الحكومة حيث برزت دراسة قانونية حصل عليها موقع “أساس” تتيح، وفق معدّيها، تأجيل تسريح قائد الجيش بقرار أو مرسوم صادر عن مجلس الوزراء، وهي تأتي استكمالاً لمسار الكتاب الذي تمّ توجيهه لوزير الدفاع موريس سليم.
الحزب: مع أو ضدّ التمديد للقائد؟
مع ذلك يبقى العامل الأكثر حساسية في مسألة التمديد هو موقف الحزب، وقد كشف النائب السابق وليد جنبلاط عن جزء منه في حديثه إلى محطة LBC حيث أكّد طرحه على النائب جبران باسيل خلال زيارة الأخيرة له التمديد لقائد الجيش، لكن الجواب، وفق جنبلاط، “أتى من ميلة الحاج وفيق صفا (مسؤول وحدة الأمن والارتباط في “الحزب”) الذي قال لي: ما بدنا نحشر باسيل”.
أضاف جنبلاط: “يبدو أنّ باسيل والحزب متفقان على عدم التمديد لعون، لحسابات سياسية خاصة بهما. وبعدما ابتعد باسيل عن الحزب، يريد الأخير أن يعيده، وهو محشور بدّو حليف مسيحي وباسيل عارف هالشي. لقد عدنا إلى نظرية الابتزاز مجدّداً”، مشيراً إلى “طرحه العميد حسان عودة لرئاسة الأركان، “ثم يأتون ويقولون لي (الحزب) هل تَضمنه؟”. ما هذا الكلام السخيف؟ هذا يعني أنهم يشكّون بي فهل سيعطي قائد الجيش أمراً لرئيس الأركان بمحاربة الحزب”!
عملياً، أهمية كلام جنبلاط أنّه أضاف إلى القرار، غير المُعلَن، من جانب الحزب برفض انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية قرار “مُسايرة” باسيل بعدم التمديد له. قال جنبلاط: “هناك خطر وجودي على لبنان، “وشو يعني ما بدهم جيش؟ هل نستغني عنه؟ ما هذه العبثية؟”
أبو فاعور: بري لن يدعو إلى جلسة ببند وحيد
من جهته، يقول النائب وائل أبو فاعور لـ “أساس”: “فعلياً، نحن لم نسمع من الحزب وجود اعتراضٍ رسمي ضد التمديد لقائد الجيش. الحزب واقف، كما قال جنبلاط، على خاطر باسيل”.
كما يكشف أبو فاعور أنّ “الرئيس بري لن يدعو إلى جلسة لمجلس النواب إلا بجدول أعمال محدّد، فيما شرط القوات التئام الجلسة ببند وحيد. وتقديري الشخصي هناك صعوبة حتى اللحظة أن يمرّ اقتراح القانون”، مشيراً إلى أنّ “منطق الرئيس بري سليم. فهناك ما يُشبِه حالة الحرب، وهناك قوى لا تريد أن تشارك في جلسات مجلس الورزاء، ولا تأتي إلى مجلس النواب، ولا تريد التمديد لقائد الجيش، ولا تعيين أعضاء المجلس العسكري، والشغور الرئاسي مستمرّ”، متسائلاً: “أيعقل أنّ عدوّنا الاسرائيلي شكّل فوراً حكومة حرب، ونحن ما حدن فارقة معو؟”.
أمّا لناحية دور الحكومة في التمديد لقائد الجيش، يقول أبو فاعور الذي سبق أن دعا الحكومة إلى عقد جلسة عاجلة للتمديد وتعيين مجلس عسكري: “يستطيع مجلس الوزراء أن يجتمع ويُمدّد لقائد الجيش، وهناك دراسة تفيد بأن إذا كان من صلاحية وزير الدفاع بقرار منه أن يؤجّل تسريح قائد الجيش، فمجلس الوزراء يستطيع حكماً أن يفعل ذلك بموجب مرسوم”.
هكذا سيمدّد مجلس الوزراء لعون!
تشير الدراسة التي حصل عليها “أساس”، وباتت محطّ اهتمام لدى المعنيين إلى المادة 55 من قانون الدفاع في شأن تأجيل تسريح المتطوّعين (بكل الرتب) في الجيش بموجب قرار صادر عن وزير الدفاع المبنيّ على اقتراح قائد الجيش في حالات الحرب أو إعلان حالة الطوارىء أو أثناء تكليف الجيش بالمحافظة على الأمن.
المرسوم أعلى من القرار
حدّد نصّ المادة 55، وفق الدراسة، الإطار الإجرائي الأدنى لتأجيل التسريح بصدور قرار عن وزير الدفاع، بمعنى أنّ تأجيل التسريح ممكن بالتالي أن يتمّ عن سلطة أعلى من الوزير هي مجلس الوزراء، وبعمل إداري أرفع من قرار الوزير أي قرار أو مرسوم صادر عن مجلس الوزراء.
تفيد الدراسة “أنّ القرارات الإدارية تخضع للتراتبية بحسب السلطة أو المرجع الصادرة عنه، ولا يُمكِن لقرار صادر عن سلطة ما أن يتناقض مع قرار صادر عن سلطة أعلى، وبالتالي أيّ قرار صادر عن مجلس الوزراء يكون مُلزِماً للوزراء كافة وعليهم التقيّد به. وبإمكان مجلس الوزراء إلزام وزير الدفاع باتّخاذ قرار تأجيل التسريح أو الحلول مكانه في اتّخاذ هذا القرار”.
أغلبية بسيطة وميثاقية مؤمّنة
تخلص الدراسة إلى أنّ “تأجيل تسريح قائد الجيش تحديداً، من الأسلم أن يتمّ عبر مجلس الوزراء عملاً بقاعدة الموازاة في الصيغ، سيّما أنّه يترتّب على تأجيل تسريحه بقاؤه في مركز قائد الجيش، وأنّ الجهة المُخوّلة تعيين قائد الجيش أصلاً هي مجلس الوزراء وليس وزير الدفاع”.
كما أن تأجيل تسريح قائد الجيش، بناءً على الدراسة، لديه خاصيّتَان:
– الاولى هي إرجاء تقاعده.
– الثانية استمراره في مركزه الذي عُيّن فيه بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء وليس بقرار صادر عن وزير الدفاع.
أمّا الاغلبية المطلوبة للتصويت على تأجيل تسريح قائد الجيش في مجلس الوزراء، فهي الأغلبية البسيطة، وليس أغلبية ثلثي أعضاء المجلس؛ إذ أنّ تأجيل التسريح، وفق الدراسة، مُمكِن أن يحصل أصلاً بقرار صادر عن وزير الدفاع منفرداً، وهو لا يدخل في باب التعيينات التي تستوجب الثلثين لأن قائد الجيش موجود أصلاً في موقعه.
أمّا الميثاقية في أيّ قرار لتأجيل تسريح قائد الجيش مؤمّنة حكماً، بفعل الإجماع الوطني على دور هذه المؤسسة خصوصاً في هذا الظرف الاستثنائي، وأصلاً قرار تأجيل التسريح مُمكن أن يتمّ عبر قرار منفرد لوزير الدفاع بصرف النظر عن طائفة أو مذهب هذا الوزير. وبالتالي عندما يصدر قرار تأجيل التسريح عن مجلس الوزراء يكون حُكماً قد تمّ تعزيز الشقّ الميثاقي في تأجيل التسريح عبر مشاركة أكثر من وزير في القرار بصرف النظر عن مذهبهم أو طائفتهم.
رئاسة الأركان
من جهة أخرى، وفيما تردّد احتمال استدعاء رئيس الأركان السابق اللواء أمين العرم من الاحتياط في حال لم يحصل تعيين في مجلس الوزراء، فإن مصدراً عسكرياً أفاد “أساس” أنّ “قانون الدفاع يمنع ذلك، إذ يمكن استدعاء العرم من الاحتياط، لكن لا يمكن لمجلس الوزراء تكليفه مجدّداً برئاسة الأركان بموجب مرسوم لأنّ المادة 27 من القانون تشير إلى تعيين رئيس الأركان من بين الضبّاط المُجازين بالأركان الذين لم يسبق لهم أن وُضعوا بالاحتياط”.