رسّخ الاعلام الاسرائيلي في اذهان المتابعين ان اسرائيل على وشك ان تنهي التزاماتها وتتحرر من قواعد الاشتباك المألوفة لتفتح الجبهة مع لبنان على مصراعيها. ولكن مع تنفّس صبح اليوم التالي (امس) تغيرت المناخات المنذرة بشرّ مستطير وظلت الامور تنسج على منوالها، اذ لم تتحرك الدبابات الاسرائيلية وتجتاز الخط الحدودي. وعليه اعتقد الحزب انه كسب الجولة وصحّت توقعاته وصار واضحا لديه ان كلام سيده عن تحولات الميدان كان بمثابة أمرعمليات او إشارة مشفّرة مضمونها ان انتقلوا سريعا الى تنفيذ “الخطة ب” القائمة على حسابات ميدانية وسياسية تبلورت بعد تطورات الايام الـ 34 الماضية، ومن أبرز خطوطها ومعالمها العريضة:
– ان الاسرائيلي على رغم كل تهديداته، بدا عاجزاً عن التفلت من التوصية الاميركية الحازمة وعنوانها المعروف: تجنبوا كل ما يمكن ان يفضي الى ادخال “حزب الله” في المواجهة المفتوحة، وعضّوا على جراحكم وتحمّلوا أذيته الى اقصى الحدود.
– ان نصرالله ظهر في اطلالته الثانية اكثر اطمئناناً وثقة واكثر حسماً بعدما تخفّف من أثقال الرهانات التي عُلّقت عليه في الاطلالة الاولى سواء عن حسن نية أو رغبة في التوريط.
لذا كان أكثر ثقة بالنفس وهو يعلن على نحو غير مباشر انه ليس في وارد تولّي قيادة محور المقاومة في هذه المرحلة، بل انه حريص على البقاء جزءا اساسيا من جبهة المساندة والدعم التي تكونت واكتسبت شرعية الميدان بعدما كانت الى الأمس القريب مسألة نظرية. وتاليا انتفى عنه الإحراج عندما اكد انه ماضٍ في عملية المواجهة وفق شروط ميدانه واستناداً الى حساباته الدقيقة.
وبناء على كل هذه الوقائع، انطلق الحزب لإنفاذ “الخطة ب” حيث بدا فيها وقد تنبّه للثغر ونقاط الضعف الميدانية الاولى والتي جعلته يدفع أكثر من 60 مقاتلاً من مقاتليه، خصوصا ان التصعيد فاجأهم كما قال نصرالله في اطلالته الاولى، وانطلق لتوه في نهج ميداني مختلف بدا فيه ممسكاً بزمام المبادرة على طول الحدود، خصوصا بعدما ادخل اسلحة جديدة وتقنيات عسكرية مختلفة، ما جعله يتلافى اخطاء المرحلة الماضية. وبحسب معطيات مستقاة من مصادر على صلة بالحزب، فان التعليمات الجديدة المعطاة للقيادة الميدانية للحزب عنوانها العريض: “نريد إلحاق المزيد من الخسائر بالعدو في مقابل أدنى الخسائر في صفوفنا إنفاذاً لقول السيد نصرالله ان ابقوا عيونكم وجهودكم مكرسة للميدان الذي له الكلمة الفصل”.