في تطوّر قضائي جديد بشأن ملف تفجير مرفأ بيروت، وبناء على تقرير القاضي كارل عيراني، أبطل مجلس شورى الدولة برئاسة القاضي فادي الياس، ونتيجة دعوى تقدّم بها أمين صادق أحد المدّعين في جريمة المرفأ، قرار وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بالامتناع عن تبليغ السياسيين بجلسات الاستجواب في ملف انفجار المرفأ وأصبحت بنتيجته الضابطة العدلية ملزمة بتبليغ الاستنابات الصادرة عن القاضي طارق البيطار. ويأتي هذا القرار بناءً على مراجعة مقدّمة من مكتب الإدعاء في نقابة المحامين.
وهذا يعني أنّ الضابطة العدلية باتت ملزمة بتبليغ الاستنابات القضائية الصادرة عن المحقّق العدلي وهي معاملات جوهرية في كل الأصول ولا سيما أصول المحاكمات الجزائية المعمول بها أمام قاضي التحقيق العدلي والمجلس العدلي، وتنزع عن الضابطة العدلية صلاحية الاستنسابية التي كانت تتلطّى خلفها لعدم تبليغ السياسيين. وهذا ما قد يحرّك ملف تفجير المرفأ ويسمح للمحقّق العدلي، طارق البيطار، أو من سيخلفه بوضع قراره الظني إذا ما تخلّف المعنيون عن الحضور إلى جلسات الاستجواب. وتقول مصادر قانونية إنّ هذا القرار غير محصور بملف تفجير المرفأ لا بل هو يطول كل الملفات القضائية ومنها على سبيل المثال ملف ملاحقة رياض سلامة.
وهذا يعني أنّ وزير الداخلية بات ملزماً تكليف الضابطة العدلية لإبلاغ الاستنابات، وعلى الأخيرة القيام بواجبها. وتشير مصادر قانونية إلى أنّ «المعضلة الأساس والاشكالية الكبيرة تتمثّل في بقاء طلبات ردّ القضاة من دون أي بتّ بها، والتي يفترض في نهاية المطاف أن يتم تعيين أصلاء (أي رؤساء محاكم تمييز) في الهيئة العامة لمحكمة التمييز كي تستطيع أن تنظر في كل ما يتأتّى عن هذا الملف من مراجعات».
وتكمن أهمية هذا القرار كما جاء في نصّه في أنّه «عندما يصدر القاضي أو الهيئة الحاكمة قراراً باسم الشعب اللبناني يكلفان من خلاله الدولة إبراز مستند أو ملف أو أمر معيّن، فإن هذا القرار ليس مجرّد تمنٍّ على الإدارة وليس مراسلة داخلية أو طلباً إدارياً بل هو قرار قضائي ملزم لها وواجب التنفيذ ولا يعود للإدارة ترف واستنساب تنفيذه من عدمه إذ إن عدم تنفيذ قرار التكليف من شأنه أن يؤدي إلى نتائج قانونية تؤثر مباشرة على المراجعة القضائية المقدّمة أمام هذا المجلس».
وجاء في وقائع القرار «وبما أن الوقائع الوحيدة المبيّنة في المراجعة في ظلّ عدم تنفيذ قراري التكليف هي تلك الواردة في مطالعة وزير الداخلية والبلديات في الفقرة 5 منها حيث جاء أن وزير الداخلية والبلديات قد اتّخذ القرار المطعون فيه بناء على كتاب ورده من مدير عام قوى الأمن الداخلي أطلعه بموجبه على ورود أوراق عدلية إلى قطعات قوى الأمن الداخلي مطلوب تبليغها من رئيس حكومة سابق ومن وزراء سابقين دون ما يثبت تعذّر تبليغها بواسطة مباشرين تابعين لوزارة العدل طالباً منه تقرير المناسب بشأنها بعد أن استشعر في حال تنفيذها وقوع ضرر على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وإدخالها في تجاذبات سياسية قد تؤثر على استقلاليتها ومبادئها».
جاء أيضاً: «بما أن هذه الوقائع التي استند إليها القرار المطعون فيه من شأنها أن تشكّل سابقة خطيرة في تنفيذ الضابطة العدلية المذكرات والإستنابات والتبليغات الصادرة عن القضاء إذ إن إعطاء الصلاحية للضابطة العدلية بتقدير الوضع السياسي وملاءمته تقرير تنفيذ الاستنابات والتباليغ الصادرة عن الجهات القضائية المختصة يخرج بالكامل عن صلاحيتها المنصوص عنها في القانون ومن شأنه أن يؤدي الى عرقلة سير العدالة وشلّ مرفق القضاء العدلي في كل مرة تتذرّع الضابطة العدلية بأن تنفيذ الأوامر القضائية من شأنه أن يدخلها في تجاذبات سياسية تؤثر على حياديّتها. وبما أنه والحالة ما تقدّم تكون الوقائع التي استند إليها وزير الداخلية والبلديات لإصدار قراره المطعون فيه مخالفة بصورة جسيمة للقانون والقرار برمّته مخالف لمبدأ الشرعية والقانون ويقتضي إبطاله على هذا الأساس. وبما أنه لم يعد من حاجة لبحث سائر ما أدلي به لعدم الفائدة».