تستمر جبهة جنوب لبنان على توترها، في ظل القصف والقصف المقابل ما بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، إلا أن أفق المعركة لا يزال مجهولاً، ومن الصعب التنبؤ بالاحتمالات التي تبقى قائمة حتى تلك الأكثر سوداوية. فما حقيقة ما يجري في الميدان؟ ومَن يمكن أن يقدم على مغامرة توسيع الحرب؟
اعتبر العميد المتقاعد ناجي ملاعب أنّ “قواعد الإشتباك ما زالت قائمة، وما يحصل هو تراشق مدفعي وصاروخي وحرب مسيّرات من دون اشتباكات قريبة أو توغّل وقتال مشاة. وهذا التراشق يبقى ضمن الحدود من حيث المدى”.
وحول طبيعة المواقع المستهدفة من الجانبين، أشار ملاعب في حديث لموقع mtv الى أن “الأهداف في الجهة المقابلة عند العدو الاسرائيلي واضحة، لديه ثكنات ومراكز رصد وتجمعات عسكرية وآليات تتحرك، بينما في الجهة اللبنانية لدى المقاومة، لا يوجد أي مركز ثابت لحزب الله، وكل ما يحصل هو استحضار الصواريخ الى أماكن غير آهلة وإطلاقها من الأحراج ومن أماكن صالحة للتخفي. لذلك نرى أن الأهداف التي تحققها صواريخ المقاومة هي جيدة وكبيرة رغم عدم اعتراف العدو الإسرائيلي بذلك”.
“مهام جبهة الجنوب، كما كل محور المقاومة ضمن وحدة الساحات، هي مساندة”، يقول ملاعب، وصحيح أن هذا العدو عوّدنا على الانتقام بهذه الطريقة الوحشية التي لا تحترم أي شيء، ولكن ما زالت المقاومة في غزة لا تحتاج إلى أكثر من قوة مساندة. لذلك هذه المعركة وطالما أنها للمساندة وحُددت مهامها بأن تتحرك وفق تحركات الميدان، تعني بأن القرار اتخذ بأن لا تقدم المقاومة على توسيع الحرب ولكن على قاعدة “إذا توسّعت نحن لها”. وهنا يستشهد ملاعب بالعمليات التي نفذها حزب الله مطلع الأسبوع مستهدفاً 14 موقعاً بصليات صاروخية دقيقة الهدف، وذلك رداً على ضرب إسرائيل مصنعاً للألمينيوم في الجنوب، وعلى قاعدة ردّ الصاع صاعَين.
إذاً الميدان على قواعده، ولا يمكن الحديث الآن عن أكثر من توسيع للمدى، وفق ملاعب، “فإسرائيل وبعدما فوجئت بما حصل في غزة ليست بوارد أن تفتح جبهتين عليها، فهي منشغلة بجبهة غزة ويبدو أنها دخلت في آتون صعب وما زالت يداها خالية الوفاض من تحقيق أي هدف سوى ما عودتنا عليه من التدمير والقتل من دون احترام لأي معيار من معايير الانسانية”.
وتطرق ملاعب الى التعتيم الإعلامي الذي تعوّدت إسرائيل على ممارسته، وهي التي لم تسمح حتى للمراسلين الأجانب من مواكبة مهامها الإعلامية خوفاً من تصوير أي خسائر لإسرائيل، وبالتالي حصرت كل هذا الأمر بالناطق العسكري. في حين أن حزب الله في المقابل يعلن عن شهدائه ويقوم بتشييعهم علناً ويقوم بتصوير كل عملية يقوم بها وينشرها، معتبراً أن هذا التعتيم يدفع ثمنه العدو داخل وخارج إسرائيل، سائلاً “هل يعقل أن كل هذه الصواريخ التي ما زالت تنهمر من كتائب القسام على تل أبيب لم توقع جرحى اذا كانت لم تقتل أحداً؟ وهل يعقل أنه لم يسقط أي قتيل في حين خرجت ١٦٠ آلية اسرائيلية عن الخدمة حتى الآن، وتعطلت جزئياً أو كلياً؟”.
وردا ًعلى سؤال عمّن يمكن ان يغامر بتوسيع الحرب، قال ملاعب: “الأقرب الى توسيع الجبهة هو الإسرائيلي وليس حزب الله ومحور المقاومة”، مستطرداً “لكن الإسرائيلي ليس بوضع مريح أبداً في غزة وهو يعاني عسكرياً ومن الضغط الجماهيري من قبل النازحين سواء من شمال أو جنوب فلسطين المحتلة، كما يعاني من تجنيد ٣٠٠ ألف من الاحتياط، وهؤلاء تركوا مصانعهم ومكاتبهم وأعمالهم ما ساهم بمزيد من الشلل الاقتصادي”، سائلاً: “كيف تستمر إسرائيل في ظل هذا الضغط؟ علماً أن المقاومة في غزة تنذر بأنها على جهوزية كاملة تحت الأرض في أنفاقها كي تتعاطى مع المحتل. وبالتالي الإسرائيلي ليس جاهزاً لأن يوسّع الجبهة أو يدخل في حرب في مكان آخر وبالذات مع حزب الله، الذي لديه القدرات التي تفوق بأضعاف قدرات المقاومة في غزة ولديه ظهير لا ينتهي في لبنان وسوريا حتى العراق والحدود التركية، ولديه أسلحة وقوى وآليات ودفاع جوي وبحري شبيهة بتكوين جيش، لذلك طالما إسرائيل منشغلة في آتون غزة ولم تحقق أيّاً من أهدافها حتى الآن فهي ليست بوارد أن تفتح جبهة أخرى، فمَن يقوم بهذه الخطوة هو المنتصر وليس المنهزم”.