ما زال ملف قيادة الجيش جاثماً على مائدة الاتصالات من دون ان تتمكن حتى الآن من تجاوز الصعوبات التي تعترض مساره سواءً في اتجاه تأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون أو تعيين قائد جديد.
وبحسب مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ فكرة تعيين قائد جديد للجيش قد أُخرجت من التداول، والنقاش يدور حالياً على تأخير تسريح العماد عون، مع انّ هذا التعيين ممكن لو انّه حظي بموافقة البطريرك الماروني بشارة الراعي عليه، وبالتالي فإنّ الاسبوع المقبل قد يكون موعداً لحسم هذا الملف في مجلس الوزراء في جلسة تعقدها الحكومة في السرايا الحكومي لاتخاذ قرار بتأخير التسريح، بناءً على «دراسة قانونية ودستورية» اعدّتها الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تتجاوز صلاحيّة وزير الدفاع في تأخير التسريح، وجوهرها أنّ الصلاحية العليا (لمجلس الوزراء) اقوى من الصلاحية الدنيا ( للوزير).
ولفتت المصادر الى انّه رغم ترجيح انعقاد جلسة لمجلس الوزراء للبت في تأخير التسريح، الّا انّ قراراً من هذا النوع ليس سهلاً ان تبادر الحكومة الى اتخاذه، برغم أنّه يحظى بتأييد غالبية مكوناتها، ذلك أنّ الفتوى المحكي عنها، التي تجيز لمجلس الوزراء أن يتخذ قراراً من هذا النوع قد تكون قوية، ولكن في مقابل ثمة إشكالية وموانع قوية ايضاً، حيث انّ قراراً من هذا النوع يقفز فوق صلاحيات الوزير المنصوص عليها في الدستور(المادة 66)، ويتجاوز صلاحيات وزير الدفاع في حالة تأخير التسريح، المنصوص عليها صراحة في المادة 55 من قانون الدفاع الوطني، قابل للطعن به امام مجلس شورى الدولة. واحتمال ان يبطل مجلس الشورى هذا القرار اذا ما طُعن به أكثر من وارد.
وإذا كانت مصادر متابعة لهذا الملف ترى أنّ الكلمة الفصل في هذا الأمر، هي لمجلس النواب، في الجلسة التشريعية التي سيدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال النصف الاول من الشهر المقبل (منتصف كانون الاول المقبل يُعتبر آخر فرصة لحسم تأخير تسريح قائد الجيش باعتبار انّ النصف الثاني من كانون الاول يصادف فترة الاعياد). الاّ انّه وحتى لو تمّ إقراره في مجلس النواب، فلا يعني ذلك انّ الأمر قد حُسم نهائياً.
ولفتت المصادر الى أنّ الجلسة التشريعيّة ستنعقد بجدول أعمال عادي يتضمن جملةً من مشاريع القوانين المحالة من الحكومة، من ضمنها المشروع المتعلق بالكابيتال كونترول، والصندوق السيادي، والى جانبها مجموعة من اقتراحات القوانين التي تحمل صفة المعجّل مكّرر، مدرج في اولها اقتراح القانون المقدّم من «كتلة الجمهورية القوية» للتمديد سنة لقائد الجيش، والنصاب المطلوب لهذه الجلسة هو الاكثرية المطلقة من عدد اعضاء المجلس النيابي اي 65 نائباً، فيما التصويت على بنود جدول الاعمال بالأكثرية النسبية (ربطاً بعدد النواب الحاضرين في الجلسة، اي نصف الحاضرين زائداً واحداً). ما يعني انّ نسبة التصويت النيابي في الجلسة التشريعية متوفرة، ومعنى ذلك انّه سيُقرّ.
الاّ انّ إقرار هذا الاقتراح في رأي المصادر عينها تقابله اشكالية اساسية قد تبرز في موازاته عبر مبادرة «تكتل لبنان القوي» الى الطعن بالقانون المتعلق بالتمديد لمن هم في رتبة عماد، امام المجلس الدستوري، وقد سبق للتيار الوطني الحر ان لوّح بذلك قبل فترة، والمجلس الدستوري قد لا يتأخّر في إبطال هذا القانون، على اعتبار انّ نقطة الضعف الأساسية التي تعتريه هي عدم جواز التشريع لمصلحة شخص بعينه، وانّ لدى الحكومة صلاحية التعيين. في حين انّ ثمة رأياً آخر يقول بأنّ المجلس الدستوري قد يبادر الى ردّ مراجعة الطعن ارتكازاً على قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات في الظروف الاستثنائية» التي توجب التمديد وتغليب مصلحة المؤسسة العسكرية واستمراريتها وعدم تعريضها الى اي خلل.