تترافق وقائع الميدان العسكري في الجنوب، مع تحذيرات دولية متتالية للبنان من احتمال نشوب حرب، وآخرها على ما كشفت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، تحذيرات فرنسية وردت في الساعات الاخيرة الى مستويات لبنانية مسؤولة، مفادها أنّ «فرنسا يعتريها خوف كبير على لبنان، وخصوصاً انّ منطقة الجنوب اللبناني باتت اقرب من ايّ وقت مضى من أن تنحدر الى مواجهات قاسية تهدّد العمق اللبناني، وعلى لبنان أن يبذل جهداً لكي يتجنّبها».
وعلى الرغم من إبلاغ منسقة الامم المتحدة يوانا فرونتيسكا الى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، بأنّ كل ما يُحكى عن تعديلات للقرار 1701 هو مجرّد تكهنات، إلّا أنّ ذلك لا ينسجم مع ما كشفه الموفدون الدوليون عن توجّه نحو ترتيبات لاحقة للمنطقة ومن ضمنها لبنان، او مع ما تبيته اسرائيل للمنطقة الحدودية، التي تهدّد بفرض وقائع جديدة فيها، وآخر تلك التهديدات ما قاله وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت بـ«أننا سنبعد «حزب الله» الى وراء نهر الليطاني، سواء بترتيب سياسي دولي، أو تحرّك عسكري». فيما اعلن المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي، أنّ تل أبيب جعلت «حزب الله يدفع ثمنًا باهظًا بسبب هجماته ضدّ إسرائيل».
وتترافق التهديدات الاسرائيلية المتجددة مع الإثارة الاسرائيلية المتتالية لموضوع ما تُسمّى «قوة الرضوان»، وتركيز الإعلام الاسرائيلي على أنّ مستوطني الشمال «لن يعودوا الى منازلهم إذا لم يتحقق الرّدع مع «حزب الله». وهو امر انقسمت حوله تقديرات المحللين، بين قائل من جهة، بأنّ هذه التهديدات جدّية، وخصوصا أنّ اسرائيل التي عجزت بعد شهرين من الحرب في غزة من تحقيق انجاز عسكري بكسر «حماس» وتحرير الأسرى الاسرائيليين لديها، قد يكون لدى مستوياتها السياسية او العسكرية شيء من الاعتقاد بأنّ فتح الحرب مع لبنان قد يمكّنها من تعويض فشل الجيش الاسرائيلي في غزة عبر تحقيق إنجاز ضدّ «حزب الله»، وفرض ترتيبات جديدة على الحدود توفّر الأمان للمستوطنين، وتُبعد «قوة الرضوان» الى شمالي نهر الليطاني.
وبين قائل من جهة ثانية، بأنّ هذه التهديدات لا تخرج عن سياق التهويل، وحثّ الدول لكي تتدخّل وتمارس ضغطاً على لبنان يُلزم «حزب الله» بوقف عملياته على الحدود ضدّ الجيش الاسرائيلي والمستوطنات، وخصوصاً انّ اسرائيل تعرف جبهة لبنان، وانّ المواجهة مع «حزب الله» باعتراف كبار الضباط الاسرائيليين، جبهة صعبة وكلفتها على اسرائيل أضعاف ما دفعته من أكلاف في غزة، وحرب غزة مستمرة والأكلاف تتراكم. يُضاف الى ذلك، أنّ إشعال اسرائيل للحرب لفرض وقائع جديدة في المنطقة الحدودية، معناه أنّ النار قد لا تبقى محصورة في هذه المنطقة، بل قد تتمدّد الى ساحات اخرى وتدخل المنطقة في مهبّ حرب اقليمية اول من حذّر منها هم الاميركيون، ومن هنا سعيهم الدؤوب لإبقاء نار الحرب محصورة في نطاق غزة.