على أعتاب جلسة حكومة تصريف الأعمال التي يحمل جدول أعمالها 3 مشاريع لزيادة رواتب موظفي القطاع العام، على سبيل المساعدة الاجتماعية لا تصحيح الرواتب، وأمام تسارع الخطى لعقد الهيئة العامة لمجلس النواب جلسة تشريعية محمّلة بمشاريع قوانين تمسّ حياة المواطن وصحته، أصدرت منظمة اليونيسف أمس تقريراً صادماً حول «الأعباء القاسية للأزمة على الأطفال».الجوع والقلق والاكتئاب والعبء النفسي المتمادي أخطار تهدّد الأطفال في لبنان. وبحسب تقرير اليونيسف، «الأزمة في توسّع مستمر منذ 4 أعوام، في ظلّ عدم وجود أيّ انحسار يلوح في الأفق». في المقابل، تمارس السلطة السياسية أفضل هواياتها، تضييع الوقت، والتعمية على الحقيقة، فيما الأزمة الاقتصادية تضرب الفئات الأكثر تهميشاً، وتصيب الفقراء في مقتل. فتمنع الوصول إلى التعليم الذي كان يُعدّ سبيل الترقّي الاجتماعي، وتنشر الأمراض النفسية حتى بين الأطفال الذين لا يرى 34% منهم أنّ حياتهم ستتحسّن، بل ستصبح أسوأ مما هي عليها اليوم.
وفي الوقت الذي يتناتش كبار موظفي وزارة التربية المغانم، ويُلاحقون من قبل الأجهزة الأمنية بعد أن وصلت روائح الصفقات إلى حدود بلاد ما بين النهرين، أصدرت منظمة اليونيسف تقريرها حول التعليم والفقر عن شهر كانون الأول 2023. وفيه تبيّن أنّ 26% من الأسر المقيمة على الأراضي اللبنانية لا ترسل أطفالها الذين في عمر الدراسة إلى المدارس، في حين أن 52% من أسر النازحين السوريين أبلغت أنّ لديها أطفالاً لا يذهبون إلى المدارس. وفي حين هلّلت وزارة التربية لما عدّته إنجازاً بافتتاح العام الدراسي، تبيّن وجود أكثر من 6 آلاف تلميذ من دون تعليم اليوم في الجنوب، وفقاً للتقرير الذي أكّد أيضاً أنّ نسبة حضور التلامذة في المناطق الجنوبية حيث فتحت المدارس أبوابها في حدّها الأدنى.
«وضع الأطفال ليس على ما يرام»، بحسب التقرير، فالأمراض النفسية المرتبطة بالأزمة التي تعيشها البلاد أنهكت حتى من هم في سن الدراسة، إذ أفادت 38% من الأسر عن معاناة أطفالها من القلق، و24% من الاكتئاب. ولكن جنوباً، تصبح الأرقام أخطر، حيث ناهزت نسبة الأطفال الذين يعانون من القلق 46%، ووصلت نسبة من يعانون من الاكتئاب إلى 29%. أما على مستوى أطفال اللاجئين الفلسطينيين، فحوالي نصف هؤلاء يعانون من القلق، و30% من الاكتئاب. ورفعت النسب لدى هذه الشريحة المعارك الأخيرة في غزة والضفة الغربية، بالإضافة إلى الاشتباكات السابقة بين الفصائل الفلسطينية.
أفادت 38% من الأسر عن معاناة أطفالها من القلق و24% من الاكتئاب
وفي سياق متصل، خلّفت الأزمة الاقتصادية ندوباً عميقةً على الوضع المادي للأسر، وجعلتها «على حافة الهاوية». 84% من الأسر المقيمة على الأراضي اللبنانية تقترض المال لشراء المواد الأساسية من محالّ البقالة والمواد الغذائية، 79% منها من الأسر اللبنانية. ومع انتشار الفقر، ضُرب التعليم من جديد، وامتنعت 24% من الأسر عن إرسال أطفالها إلى المدارس، ووصلت نسبة الأسر التي ترسل أطفالها للعمل إلى 16%، في حين كانت النسبة 11% في شهر نيسان الماضي، فيما ثلث الأسر بين النازحين السوريين ترسل أطفالها في سن الدراسة للعمل.