جوزاف عون ولعبة السياسة: هل ربح التمديد وخسر الرئاسة؟

في الوقت الذي كانت تُخاض فيه معارك قيادة الجيش ومصير هذا الملف، لا يجب أن يغيب عن البال ملف الرئاسة وارتباطه بجزء منه بما يجري اليوم، خاصة أن جزءا أساسيا من الخلاف السياسي الذي كان قائما حول ملف الجيش هو بين من يريد تثبيت جوزاف عون كمرشح رئاسي وبين من يريد إنهاء حظوظ الاسم.

من حيث المبدأ، يعتبر داعمو التمديد لقائد الجيش جوزاف عون أن بقاءه في موقعه يساهم في تعزيز حظوظه الرئاسية، لا سيما أن المعارضين له كانوا يعتبرون أن تقاعده سيقود حتماً إلى خروجه من السباق الرئاسي، لكن في المقابل لا يمكن تجاهل تداعيات الطريقة التي خيضت فيها معركة التمديد التي انتهت امس في المجلس النيابي، نظراً إلى أنها حولت هذا الملف إلى موضوع انقسام بين الأفرقاء المحليين.

في هذا السياق، هناك من يعتبر أن أكثر من أضر بحظوظ عون رئاسياً هم داعموه، سواء كان من القوى اللبنانية أو الخارجية، وتحديداً السعودية وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية التي كانت السبب الرئيس الى جانب البطريرك الماروني بشارة الراعي لعدم تعيين قائد جديد للجيش في شهر تشرين الثاني الماضي، يوم حصل شبه اتفاق داخل الحكومة على تعيين طوني قهوجي، ثم سقط الاتفاق بضربة رئيس الحكومة القاضية.

بحسب وجهة النظر هذه، فإن سبب إضرار هؤلاء بحظوظ جوزاف عون الرئاسية، يعود الى أن بعضهم وضعه في إطار أن بقاءه في قيادة الجيش هو هدف لفريق في مقابل خسارة لفريق آخر، من دون تجاهل تداعيات ربط هذا الملف من قبل البعض بتطبيق القرار 1701، بما يعنيه ذلك من محاولات لاستفزاز “حزب الله”، وهو ما حاول فعله رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في خطابه الأخير الذي شهد الهجوم الأقسى على عون.

في مطلق الأحوال، ترشيح عون لرئاسة الجمهورية بات ينظر إليه بشكل حاسم على أساس أنه يأتي من فريق سياسي في مواجهة ترشيح رئيس تيار “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية، ما دفع بالكثيرين، في الفترة الماضية، إلى الحديث عن أنه لا تنطبق عليه مواصفات الخيار الثالث، وبالتالي هو في حال الذهاب إلى هذا الخيار فلن يكون من ضمن قائمة الأسماء التي ستطرح على بساط البحث.

حاولت قوى 14 آذار او القوى التي ترغب بتسمية نفسها بالقوى المعارضة أن تتجنب تبني ترشيح عون لإبقائه خارج معادلة مرشح المعارضة بوجه مرشح الممانعة، فوضعت بداية ميشال معوض في الواجهة، ثم تخلت عنه لاجل جهاد أزعور الذي دخل باسيل على خط تأييده ولو شكلياً، ثم حاولت أن تستمر في تبني ازعور لإبقاء عون المرشح المثالي للخيار الثالث، ولكن اليوم بحسب مصادر سياسية متابعة فإن الحملة التي قامت بها هذه القوى الداخلية، والضغط الخارجي الذي قامت به الدول الراعية لها، يؤكدان أن جوزاف عون ليس مرشحاً توافقياً بل مرشح أساسي لفريق سياسي واضح، أقله بالنسبة الى فئة من اللبنانيين.

لا تجزم المصادر أن حملة التمديد التي رافقت هذا الملف ستجعل عون خصماً لفريق 8 آذار لكنها تؤكد أن التعاطي مع اسمه كمرشح رئاسي سيكون اكثر حذراً من السابق، غير مستبعدة أن يكون عون، في نهاية هذه المعمعة، قد ربح قيادة الجيش، وخسر الرئاسة؟

اترك تعليق