مُجددًا، تصدرت قضية المرفأ واجهة النقاشات داخل قصر عدل بيروت، وباتت تُنذر بمعركة قضائية جديدة. إذ قرّر المدعي العام التمييزي، القاضي غسان عويدات استئناف الكتاب الذي حُوّل له الجمعة 12 كانون الثاني من رئيس محاكم استئناف بيروت، القاضي حبيب رزق الله، لمطالبته بتصحيح الادعاء ضد القاضي طارق البيطار، أي تصحيح بعض المواد القانونية التي استند إليها عويدات سابقًا.
“تصحيح الادعاء”
وكان القاضي عويدات قد ادعى على البيطار بجرم “اغتصاب السلطة” في الخامس والعشرين من كانون الثاني العام 2023، بعدما قرّر المحقق العدلي العودة إلى متابعة ملفه معتمدًا على اجتهاد قانوني.
ووفقًا لمعلومات “المدن”، فقد طُلب من القاضي غسان عويدات تحديد المواد القانونية التي استند إليها في الادعاء على البيطار، وتسلّم كتابًا ليطلب منه تصحيح هذا الادعاء.
استئناف عويدات
وردّا على هذا الطلب، استأنف عويدات “الكتاب” أمام هيئة اتهامية غير موجودة بعد، حيث كان من المفترض أن يعين مجلس القضاء الأعلى هيئة اتهامية منذ فترة طويلة، ولكنه لم يتمكن بسبب خلافات القضاة حول أسماء أعضاء هذه الهيئة. وجاء الاستئناف بالاستناد إلى المادة 64 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، المتعلقة بـ”ادعاء النيابة العامة الاستئنافية أمام قاضي التحقيق”، ومضمونها: “ليس لقاضي التحقيق أن يقرر إبطال ادعاء النيابة العامة الاستئنافية إذا وجد فيها عيبًا من شأنه أن يجعل وضع يده على الدعوى غير صحيح، غير أنه لا يقرر الامتناع عن التحقيق لهذا العيب، على النائب العام إذا لم يصحح العيب، أن يستأنف قرار قاضي التحقيق أمام الهيئة الاتهامية”.
وتمامًا كحال أي قضية “حساسة” داخل القضاء اللبناني، توسعت وانقسمت الآراء القانونية والقضائية حول تداعيات هذا الاستئناف، والمسار المقبل الذي سيعتمده رزق الله. إذ اعتبرت بعض المراجع بأن الملف دخل في دوامة جديدة، ولن يتمكن القاضي رزق الله من متابعة هذه القضية، وبالتالي لن يتم استجواب البيطار قبل تشكيل الهيئة الاتهامية.
في المقابل، رأت مصادر قضائية بارزة بأن رزق الله لا يزال قادرًا على متابعة هذه الدعوى. بمعنى أنه في حال تبيّن له أن الادعاء المقدم ضد البيطار، لم يُظهر الجرم الذي اقترفه البيطار، يحق لرزق الله حينها “منع المحاكمة” عنه من دون الحاجة إلى استجوابه. وبالتالي، هذا القرار من شأنه إعادة البيطار إلى متابعة قضية انفجار المرفأ. وشرحت المراجع القضائية عن إمكانية رزق الله بتعيين جلسة لاستجواب البيطار ومن ثم “منع المحاكمة” عنه إن تبين عدم اغتصاب السلطة أو تجاوز الصلاحيات. وحينها، يطلب رزق الله من النيابة العامة التمييزية إبداء الرأي حول قراره.
إذن، المياه الراكدة في هذا الملف حُركت اليوم، وباتت الأعين مُصوّبة بشكل مباشر على القاضي رزق الله بانتظار خطواته المقبلة، وعلى مجلس القضاء الأعلى المتوجب عليه تشكيل هيئة اتهامية لمعالجة هذه العراقيل.