عاد الخلاف بين وزير الدّفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون إلى العلن. في الأصل بقي النزاع بينهما أشبه بجمرٍ تحت الرّماد. ولم تُفلح التدخّلات لتأمين «مساكنة هادئة» تحت سقف وزارة الدّفاع. لكنّ الخلاف بينهما الآن، بات يُهدّد استمراريّة العمل في المحكمة العسكريّة، تحديداً في الهيئة الدائمة التي تُعد أكثر المحاكم إنتاجاً، إذ وصل عدد الملفات التي أنجزتها خلال العام الماضي إلى أكثر من 7400 ملف، بينها نحو 750 جناية. بالتالي، فإنّ مصير مئات الموقوفين الذين ينتظرون أحكامهم، أو حصولهم على موافقات على طلبات إخلاء سبيلهم، بات صعب المَنال.
بداية العام الحالي، انتهت ولاية الهيئات العاملة داخل المحكمة. المعنيون كانوا يأملون انتهاء المسألة خلال أيام، على اعتبار أنّ اتفاقاً تمّ بالإبقاء على الهيئات على حالها وبالأسماء المعيّنة سابقاً. أمّا التأخير، فمردّه إلى إحالة اقتراح تجديد عمل الهيئات من المجلس العسكري وقائد الجيش إلى وزير الدّفاع من أجل التوقيع على القرار. وبالفعل، وقّع سليم أمس الأوّل قرار تمديد الهيئات (الهيئة الدائمة والهيئة الاحتياطيّة وهيئة محاكمة العمداء) والقضاة المنفردين، ولكنّ المفاجأة كانت بامتناع قيادة الجيش عن تعميم القرار، وبالتالي التعامل معها وكأنها لم تكن، ما جعل هيئات المحكمة غير قابلة للالتئام بعد صدور قرار سليم.
قيادة الجيش ترفض التعليق على هذا الأمر، إلا أنّ بعض المتابعين يلفتون إلى أنّ المشكلة الأساسيّة تكمن في عدم قيام وزير الدّفاع بالتقيّد بالاقتراح الذي أرسله المجلس العسكري وقائد الجيش بشأن أسماء الأعضاء، بل عمد سليم إلى تجزئة الاقتراح بالتوقيع على التمديد لبعض الهيئات واستثناء أُخرى، كالهيئة الاحتياطيّة في الدائمة والهيئة الأساسيّة والاحتياطيّة في محكمة التمييز العسكرية. وهو ما رأت فيه قيادة الجيش ضرباً لصلاحيّات عون والمجلس العسكري المذكورة في المادة 27 من قانون الدفاع الوطني: «يوافق المجلس العسكري على: تنظيم جميع المؤسسات الرئيسيّة التابعة لوزارة الدفاع الوطني الصادرة في المرسوم (الاشتراعي الرقم 102/1983 تاريخ 16/9/1983 وتعديلاته)».
وإذا كان سليم يتمسّك بصلاحيّاته في التمديد للهيئات، وليس تجديدها، فإنّ مقربين منه يشدّدون على أنّه تقيّد بالاقتراح الذي وصل إليه من المجلس العسكري، إلا أنّه لم يوقّع على الهيئات الخاصة بمحكمة التمييز، على اعتبار أن الأعضاء يجب أن يكونوا مُجازين بالحقوق، وهو شرط لا يتوفّر في الأعضاء الذين اقترحهم المجلس العسكري. لكن النتيجة كانت في أنّ المحكمة العسكريّة خرجت فعلياً عن الخدمة، بانتظار محاولة أخيرة يقوم بها الوزير السابق ناجي البستاني.