ما أوردته وكالة «رويترز» أمس عن رفض «حزب الله» أفكاراً أولية من واشنطن لتهدئة القتال مع إسرائيل تضمّنت سحب مقاتليه بعيداً عن الحدود الجنوبية مسافة 7 كليومترات، أعطى دليلاً جديداً الى من يعود قرار الحرب والسلم في لبنان. وتزامن النبأ مع صدور بيان عن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ردّ فيه على ما وصفه بـ»حملة سياسية وإعلامية على الحكومة، وعلى دولة الرئيس شخصياً، على خلفية الموقف الذي أعلنه في مجلس الوزراء». وخلاصة الموقف الذي عاود البيان تبنّيه هو أنّ «وقف إطلاق النار في غزة يساهم في إبقاء لبنان في منأى عن التوترات في المنطقة». وللتذكير، فإنّ بيان المكتب الإعلامي يشير تحديداً الى جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي، والى الكلام الذي أذيع على لسان ميقاتي بعد الجلسة، وقوله إنه «أبلغ جميع الموفدين أنّ الحديث عن تهدئة في لبنان فقط أمر غير منطقي. وانطلاقاً من عروبتنا ومبادئنا، نطالب بأن يصار في أسرع وقت ممكن الى وقف إطلاق النار في غزة، بالتوازي مع وقف اطلاق نار جدي في لبنان».
وفي هذا السياق، أكدت «رويترز» أنّ موقف «الحزب» الرافض للمبادرة الأميركية، هو موقف ميقاتي الذي تبنّى ما ذهب إليه علناً الأمين العام لـ»الحزب» حسن نصرالله في تشرين الثاني الماضي. وفي هذا السياق قالت الوكالة إنّ «موقف «حزب الله» هو مواصلة إطلاق الصواريخ على إسرائيل حتى التوصل لوقف إطلاق نار شامل في قطاع غزة».
وقال مسؤول لبناني كبير مطلع على توجهات «حزب الله» إنّه «مستعد للاستماع»، لكنه يعتبر أنّ الأفكار التي قدمها الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين خلال زيارته بيروت الأسبوع الماضي «غير واقعية».
وكشفت ثلاثة مصادر لبنانية ومسؤول أميركي أنّ أحد الاقتراحات التي طرحت الأسبوع الماضي «هو تقليص الأعمال القتالية عبر الحدود بالتزامن مع تحرك إسرائيل لتنفيذ عمليات أقل كثافة في قطاع غزة». وقال اثنان من المسؤولين اللبنانيين الثلاثة إنّ اقتراحاً نقل أيضاً لـ»حزب الله» بأن يبتعد مقاتلوه مسافة سبعة كيلومترات عن الحدود. ولفت المسؤولون اللبنانيون والديبلوماسي الى أنّ «حزب الله» رفض الفكرتين ووصفهما بأنهما «غير واقعيتين».
كما كشف المسؤولون اللبنانيون الثلاثة أنّ «حزب الله» ألمح إلى أنه بمجرد انتهاء الحرب في غزة قد يكون منفتحاً على فكرة تفاوض لبنان على اتفاق عبر وسطاء في شأن المناطق الحدودية محل النزاع، وهو احتمال أشار إليه قيادي في «حزب الله» في خطاب ألقاه هذا الشهر.
وقال مسؤول كبير في «حزب الله» لـ»رويترز»: «بعد الحرب على غزة، نحن مستعدون لدعم المفاوضين اللبنانيين لتحويل التهديد إلى فرصة»، لكنه لم يتطرق إلى اقتراحات محدّدة.
على صعيد متصل، ألمح ميقاتي الى أنه كان على علم بالاقتراحات التي حملها هوكشتاين الى لبنان قبل أيام. وهو صرّح في المقابلة التي أجرتها معه قناة «الحدث» على هامش منتدى دافوس في سويسرا: «انا متأكد من المبادرة الأميركية ومن شروطها التي لم تعلن حتى الآن، ولكن نقلت الينا، والى الرئيس نبيه بري. نحن على استعداد للاستمرار في التفاوض للوصول الى حل ديبلوماسي عبر تطبيق القرار1701 وضمان السلم لأهالي شمال إسرائيل ولأهالي الجنوب اللبناني. لا يمكن إعلان تفاصيل المبادرة الأميركية، لأنها تأخذ دورها الديبلوماسي ولا أريد الافصاح عنها في الوقت الحاضر، وإن شاء الله ستنجح». لكن ما حصل فعلاً، أنّ «حزب الله» أطاح المبادرة وسط صمت ميقاتي المطبق على ذلك.
في المقابل، على الجانب الإسرائيلي قال وزير الدفاع يوآف غالانت: «علينا الاستعداد لتدهور الوضع الأمني على الحدود مع لبنان»، مشدداً على «أنّ «حزب الله» ولبنان سيدفعان ثمناً باهظاً إذا تدهورت الأوضاع في الشمال». لكنه استدرك: «نفضل تسوية سياسية تسمح بعودة السكان الى الشمال».
ووفق بيان صدر عن مكتب الوزير الإسرائيلي أمس أنّه أجرى «تقييماً للأوضاع المدنية، وركّز على جاهزية الجبهة الشمالية، لاحتمال توسيع الحملة العسكرية، وعلى سير عملية إعادة السكان إلى منازلهم». وخلص البيان الى أنّ «اسرائيل يجب أن تكون مستعدّة لتدهور الوضع الأمني في الشمال»، وذلك في ظلّ تواصُل التصعيد التدريجيّ على الحدود مع «حزب الله».