بدا من التوتر الذي طفى فجأة بين إسلام أباد وطهران إثر الضربة الصاروخية الإيرانية داخل الأراضي الباكستانية، ومن ثم الضربة الباكستانية المماثلة داخل الأراضي الإيرانية، بعد يومين من ضربات صاروخية ايرانية على أربيل العراقية وإدلب السورية، أن المنطقة برمّتها تقف على فالق زلزالي إذا ما رُبطت أحداثها ببعضها البعض، من غزة إلى جنوب لبنان واليمن والبحر الأحمر. فتوقيت هذه الأحداث وتشابك مسبّباتها السياسية يستوجب بالتحليل ربطاً يُستنتج منه أن التوترات الحاصلة آخذة في الإرتفاع، لاسيما مع غياب أي مسعى جدي للتهدئة على كل المسارات، وخاصة على جبهة فلسطين حيث يصر الاحتلال الإسرائيلي على مواصلة حربه ومجازره التي تتزامن أيضا مع تهديدات متصاعدة بشن حرب على لبنان.
المشهد العام في منطقة الشرق الأوسط بات ينذر بأخطار كبرى، يدفع إليها انسداد الطرق الدبلوماسية من جهة، وتضارب المصالح بين الدول الكبرى المؤثرة من جهة ثانية. والخوف الأكبر يبقى في لبنان الذي لا يقوى على تحمل انعكاسات أحداث المنطقة، فكيف بحرب تفرض عليه.
مصادر أمنية قالت لجريدة الأنباء الإلكترونية إن لبنان في حال وقعت الحرب “سيكون من أكبر المتضررين منها، لأنه الحلقة الأضعف، وهو حتما سيدخلها مرغماً، رغم أنه غير مهيأ لها من كافة الجوانب الأمنية والسياسية والعسكرية، بالإضافة الى أزمة الشغور الرئاسي المستفحلة منذ أكثر من سنة، وسط هذه الاجواء المتوترة من المتوسط حتى أواسط آسيا وتأثيرها على لبنان”.
النائب السابق العميد شامل روكز رأى من جهته أن “لبنان سيكون من أوائل المتضررين من الحرب في حال اندلاعها بشكل موسع، لأنه في الأساس موجود ضمن المنطقة، وجبهة الجنوب مفتوحة منذ أكثر من مئة يوم، وقد تتحول الى حرب واسعة لأن غزة تحولت الى أزمة بالنسبة لإسرائيل بعد أن أصبحت عاجزة عن حسمها وتحرير الأسرى والقضاء على حماس، وعجزها أيضاً عن التراجع والانسحاب مع ما تواجهه من ضغط داخلي بما يتعلق بسكان المستعمرات الشمالية الذين نزحوا الى الداخل، بالاضافة طبعاً الى الخسائر البشرية في المواجهات مع حزب الله”.
روكز لفت في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية إلى “أزمة الممرات في باب المندب وهرمز وتأثيرها على الملاحة البحرية، واستهداف مراكز المخابرات الإسرائيلية في أربيل من قبل إيران، وما جرى بين إيران وباكستان، والتي كلها مؤشرات تدل على أن المنطقة على وشك اندلاع حرب واسعة”، معتبراً أن “كل المنطقة بخطر شديد”، لكنه تساءل عن مدى استعداد أميركا وأوروبا للدخول في الحرب بسبب ما يتكبدونه من خسائر مادية بسبب زيادة التوتر في المضائق، بالإضافة إلى الخسائر التي تتكبدها مصر في قناة السويس.
ورأى روكز أنه “رغم كل هذا التشنج الكبير هناك إمكانية للحل توازي إمكانية الاشتباك، لأن لا أحد متحمس لها باستثناء إسرائيل التي هي مستعدة لفتح جبهتين أو على الأقل إبقاء الوضع في غزة على ما هو عليه، وفتح جبهة الشمال بعد أن تم سحب أكبر الفرق الهجومية من غزة. ما يعني أنهم بصدد فتح الجبهة مع لبنان”، داعياً المعنيين إلى “اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة وكأن الحرب واقعة حتماً”.
وإذ لفت إلى أن “لا أحد يريد الحرب بما في ذلك حزب الله، فهو لن يفتح الحرب، بل فقط اسرائيل تريد الحرب مع لبنان لأنها تراهن على الانقسام الداخلي”، رفض روكز ربط مصير الاستحقاق الرئاسي في لبنان بوقف الحرب في غزة، معتبرا ذلك جريمة بحق لبنان. وقال: “من دون رئيس جمهورية لا قيمة لأية مفاوضات ولا لزيارات الموفدين والمبعوثين، فهناك صلاحيات دستورية لا يملكها إلا رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة فاعلة، ومجلس نواب يقوم بواجباته”.
لكن مع كل التطورات الحاصلة على امتداد جغرافيا المنطقة، فإنه على اللبنانيين الالتفات إلى كيفية تأمين الحد الأدنى من مستلزمات الصمود أمام الصراعات الكبرى وتحصين وضعهم قبل هبوب العاصفة.