«قُرطة مافيا»، ليس أبلغ من هذا «الإقتباس الذهبي» في وصف حال المنظومة السياسية المسؤولة عن هذا الدَرْك الذي وصل إليه البلد، إذ نَضَحَ الإناء بما فيه، ولَبِست «البَلطَجة» ربطة عنق تحت قبّة البرلمان، وعلى مرأى ومسمع الوفود الديبلوماسية المتقاطرة إلى لبنان. يفرض «النظام» منع الكلام، خصوصاً الإعتراض على إنتهاك الدستور بعدم إنتخاب رئيس الجمهورية. السّاحة للموازنة العامة حتى لو كانت بنودها وأرقامها غير متّزنة ومؤسسات الدولة غير منتظمة.
وفي السياق، أشارت معلومات «نداء الوطن» الى أنّ هناك اتفاقاً عريضاً على إمرار أبرز التعديلات، رغم مناقشة بعضها الذي يثير اشكاليات لم تحسمها اللجنة. وأكدت مصادر نيابية أنّ جزءاً كبيراً من المناقشات هو لزوم ما لا يلزم، لأنّ الموازنة غير مرتبطة بأي برنامج إصلاحي متكامل. فرغم الجهود التي بذلت كي تتساوى النفقات بالايرادات، فإنّ تقديرات وزارة المالية تبقى محل شك، وفق عدد كبير من النواب. لكن الحكومة تبحث بأي ثمن عن غطاء قانوني لنفقاتها بعد سنوات من التخبط والضياع بفعل تداعيات الأزمة التي اندلعت في 2019.
وفي اليوم الأول للمناقشة، خَرَقَت مواقف النوّاب «ضابطة» نبيه برّي، وحلّ ملف رئاسة الجمهورية مادّة حامية على وقائع الجلسة التي افتتحت بسجالٍ بين رئيس المجلس والنائب ملحم خلف الذي طالب قبل انسحابه بالشّروع فوراً في انتخاب رئيس للجمهورية، مشيراً إلى أنّ «الاستمرار بهذا النهج سيسقط الجمهورية على رؤوس الجميع. وأذا لم ننتخب رئيساً سأخرج كبطل من المجلس لأنني لن أخالف الدستور». واستكمل السجال بمشادّة ساخنة بين النائبين فراس حمدان وعلي حسن خليل الذي وصفه «بالتافه»، قائلاً «إنتو قرطة مافيات وما حدا قاريكن»، لتردّ عليه النائبة بولا يعقوبيان: «مطلوب للعدالة وعم تحكي عن مافيات؟».
وفي المداخلات، وبعدما تلا رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان تقرير اللجنة، كانت الكلمة الأولى للنائب جورج عدوان الذي قال: «عن أي إستقرار نتكلم وقرار الحرب والسلم خارج مؤسسات الدولة؟ كيف نقارب الموازنة اليوم بالطرق التقليدية وكأننا لم نشهد انهياراً نقدياً ومالياً واقتصادياً؟»، وأضاف: «حصلت سرقة العصر في لبنان، وهناك منظومة طويلة عريضة تتشارك مع حاكم المصرف المركزي السابق رياض سلامة المسؤولية في ما حصل».
بدوره، أكد رئيس «التيّارالوطني الحر» النائب جبران باسيل في مداخلته خلال الجلسة المسائية، أنّ «الحكومة أقرّت موازنة كارثية من دون رؤية وبرنامج إصلاحي». وقال: «لا خلاف على مبدأ إقرار الموازنة بالصيغة التي طرحتها لجنة المال والموازنة»، وأضاف أن «هناك فوضى دستورية تجعل حكومة تصريف الأعمال تستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية».
وعن احتمال انسحابه، توجّه باسيل الى برّي: «سنبقى في الجلسة إذا قبلت اقتراح القانون المقدّم من قبلنا، وإلا سنخرج ويبقى رئيس لجنة المال والعضوان من تكتلنا فيها لمتابعة عملهم التقني على أن يصوّتوا ضد الموازنة».