كرّرت أمس بريطانيا بلسان وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط طارق أحمد، إعلانها ضرورة ابتعاد «حزب الله» عن الحدود الجنوبية كجزء من الترتيبات التي يجري إعدادها لنزع فتيل الحرب من الجبهة، وجاء هذا الموقف غداة إعلان مماثل لوزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون خلال زيارته الأخيرة لبيروت. ويشكّل التركيز البريطاني على الجانب الميداني، صدى للتحرك الأميركي المرتقب في اتجاه إسرائيل ولبنان في الأيام المقبلة.
وجاء في تصريح وزير الدولة البريطاني «أنّ المشاورات مستمرة لعودة «حزب الله» الى خلف خط الليطاني»، مؤكداً «دعم الجيش اللبناني لحفظ الأمن، ولدفع «حزب الله» الى وسط لبنان وشماله».
وكتب كاميرون أمس على حسابه عبر «أكس»: «تعمل المملكة المتحدة على المساعدة في الحفاظ على الاستقرار في لبنان ومنع أي تصعيد إقليمي ضار». وأضاف: «نحن ندعم الجيش اللبناني، وقمنا بتدريب أكثر من 26.5 ألف جندي لبناني وسنقدم المزيد من المساعدات الإنسانية لمساعدة الفئات الأكثر ضعفاً».
ووزعت سفارة المملكة المتحدة في لبنان بياناً، أشارت فيه الى نتائج زيارة كاميرون يرافقه الوزير أحمد، وجاء فيه: «هي أول زيارة رسمية له كوزير للخارجية، بعد زيارته السابقة كرئيس للوزراء في أيلول 2015، وزيارته الرابعة إلى الشرق الأوسط كوزير للخارجية. ولفت البيان الى أنّ كاميرون أثار خلال محادثاته «مخاوفه من التوترات المتزايدة على طول حدود لبنان مع إسرائيل، وشدّد على التزام المملكة المتحدة دعم وقف تصعيد العنف».
وفي سياق متصل، نبّه وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت الى «أنّ وقف الحرب بين إسرائيل و»حماس» في غزة لن ينطبق على الأعمال العدائية المستمرة مع «حزب الله». وقال خلال جولة له أمس على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان: «إذا اعتقد «حزب الله» أنه عندما يكون هناك وقف لإطلاق النار في (غزة) فإنه سيوقف إطلاق النار وسنتوقف، فهو يرتكب خطأً كبيراً». وأعلن بعد تفقّده قوات من «وحدة جبال الألب» التابعة للجيش الإسرائيلي في جبل الشيخ: «أقول هنا صراحة: حتى نصل إلى وضع يمكن فيه استعادة الأمن لسكان الشمال، لن نتوقف. عندما نصل إلى هذا من خلال ترتيب [ديبلوماسي] أو وسائل عسكرية، يمكننا أن نكون هادئين». ونقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن غالانت قوله لجنوده قرب الحدود مع قطاع غزة، «إنّ هناك جنوداً آخرين يتم نشرهم في شمال إسرائيل». وقال: «سيبدأون العمل قريباً جداً جداً».
وأبلغ غالانت الى وفد من سفراء الأمم المتحدة، الذين زاروا إسرائيل برفقة السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، إنّ الوقت المتبقي قبل أن تتخذ إسرائيل إجراءات في الحدود الشمالية «يتضاءل باستمرار». وشدّد على «أنّ إسرائيل تفضّل تسوية الأمور ديبلوماسياً، لكنها تعدّ أيضاً للخيار العسكري، في الوقت نفسه».
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع «إنّ احتمال التوصل إلى تسوية سياسية على الحدود الشمالية التي من شأنها أن تدفع «حزب الله» إلى عمق لبنان، يبلغ حالياً 30%». ووفقاً له، أنّ إسرائيل تواصل إعطاء فرصة للعملية الديبلوماسية، وعلى الرغم من الشكوك، تأمل في تحقيق نتائج إيجابية». وسيصل المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين إلى إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة هذا الأمر.
ووفق الإعلام الإسرائيلي، فإنّ الدولة العبرية «تشعر بالقلق إزاء سيناريو يمكن أن يؤدي فيه اتفاق الرهائن مع «حماس، «إلى وقف القتال في غزة، ما يجعل «حزب الله « يوقف إطلاق النار – كما كانت الحال في الصفقة السابقة. في مثل هذه الحالة، ستواجه إسرائيل مشكلة صعبة، لأنها لن تكون قادرة على إعادة السكان النازحين إلى منازلهم دون انسحاب «حزب الله» الى بعد 8-10 كيلومترات على الأقل من الحدود اللبنانية».
لهذا السبب، قال المسؤول الكبير «إنّ على إسرائيل مواصلة عملياتها ضد «حزب الله» حتى في حالة وقف الأعمال العدائية». وقال: «لا يمكننا الوقوع في هذا الفخ ووقف نيراننا، حتى لو فعل «حزب الله» ذلك. ولن يوافق السكان على العودة إلى منازلهم ما لم ينسحب «حزب الله» من الحدود بشكل كبير».
وفي الإطار الديبلوماسي، أعلنت باريس أمس أنّ وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه سيبدأ اليوم جولة شرق أوسطية تستمر حتى الثلاثاء، وتتمحور على الآفاق السياسية لمرحلة ما بعد الحرب في غزة. وستكون الجولة الأولى للوزير الجديد في المنطقة وستقوده إلى مصر والأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان.
وأفاد المتحدث باسم الوزارة كريستوف لوموان أنّ سيجورنيه خلال جولته سيحذّر من أخطار اشتعال المنطقة «وسينقل رسائل مختلفة بوجوب ضبط النفس»، خصوصاً إلى لبنان «حيث آفاق اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل و»حزب الله» تثير مخاوف كبيرة لدى المجتمع الدولي».