في خطوة لافتة، طلبت إدارة الأونروا» من أحد موظفيها فتح أمين شريف، وهو مدير ثانوية دير ياسين في مخيم البص في منطقة صور، تقديم استقالته خلال يومين، وإلّا أُخضع لتحقيقٍ لا تحمد نتائجه، بذريعة أنّ الدول المانحة لن تدعم الوكالة إذا لم تحافظ الإدارة على حيادية موظفيها في الصراع الدائر مع إسرائيل.
وأثارت هذه الخطوة غضب القوى السياسية والشعبية والتربوية الفلسطينية، اذ رأت فيها رسالة واضحة مؤداها: «إما الوظيفة أو الانتماء الوطني»، والأخطر أنها تدحرج سريع في محاسبة الموظفين أو الضغط عليهم، بعدما علّقت نحو 16 دولة مساعداتها المالية وتدرس 4 أخرى خيارها، بحجة مشاركة أو تأييد 12 موظفاً في عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها حركة «حماس» في 7 تشرين الأول 2023.
وتساءلت مصادر فلسطينية عن توقيت هذا الطلب – الإجراء في لبنان، ولمصلحة من يتمّ تفعيل ملف المحاسبة على الانتماء الفكري والسّياسيّ؟ واعتبرته «ابتزازاً سافراً لرئيس اتّحاد المعلّمين في لبنان فتح شريف المعروف بوطنيته ودفاعه عن القضية الفلسطينية، بذريعة مساهمته في حملة جمع تبرّعات لمساعدة أهالي غزة ودعم صمودهم». واعتبرت «أنّ إدارة «الأونروا» في لبنان ممثّلة بمديرها العام دوروثي كلاوس تجاوزت كلّ الخطوط الحُمر، وهي تشعل بأيديها النّار للإجهاز على الوكالة استكمالاً وانسجاماً مع المشاريع الخبيثة التي تهدف إلى تصفية القضيّة وشطب حق العودة، لا سيما وأن القوى السياسية واللجان الشعبية كانت في طليعة المدافعين والمتصدّين للهجمة الشرسة الأخيرة على الوكالة».
وقال مسؤول دائرة وكالة الغوث في «الجبهة الديمقراطية» فتحي كليب لـ»نداء الوطن»: «أخطأت «الأونروا» عندما فصلت الموظفين المتهمين زوراً بالمشاركة في عملية 7 تشرين الأول، الأمر الذي فهم من الولايات المتحدة والدول المانحة على أنه رضوخ وضعف، رغم عدم وجود أدلة تؤكد صحة المزاعم الإسرائيلية، واليوم تكرّر»الأونروا» الخطأ ذاته باتخاذ إجراء بحقّ أحد موظفيها الأستاذ فتح شريف، في خطوة مستنكرة ومن شأنها أن تفتح الباب أمام مسلسل من الابتزاز لجهة وضع الملاحقة والتوقيف سيفاً مصلتاً فوق رؤوس الموظفين. وتخطئ «الأونروا» إن هي اعتقدت أنها باستهدافها لموظفيها يمكن أن تبعد عنها الضغوط الأميركية والإسرائيلية».
ودعا «الأونروا» إلى «أن تكون عاملاً مؤازراً للاجئين الفلسطينيين في تصدّيهم ومقاومتهم للضغوط التي تتعرّض لها الوكالة، وبالتالي فإنّ استهداف الموظفين تحت شعار الحيادية لا يمكن فهمه وتفسير خلفياته إلا باعتباره استجابة لما يريده الإسرائيليون والأميركيون بهدف القضاء التدريجي عليها، وهذا ما يتطلّب تحركات شعبية وسياسية بالتعاون والتنسيق بين منظمة التحرير والدول العربية المضيفة».
أما مسؤول ملف «الأونروا» في حركة «الجهاد الإسلامي» في لبنان جهاد محمد فدعا عبر «نداء الوطن» إدارة الوكالة إلى «ضرورة حماية الموظفين وعدم الرضوخ إلى الابتزاز الأميركي الذي تتعّرض له تحت بند الالتزام بالحيادية، وبالتالي لا يمكن القبول بأن يكون الموظف مجرّداً من انتمائه الوطني والإنساني في سبيل ضمان بقائه في العمل».
ونوّه اتحاد المعلّمين في لبنان بـ»مواقف شريف الوطنية الذي قاد غمارَ المعارك النّقابيّة بكلّ شجاعةٍ لأجل تحصيل حقوق قطاع التّعليم في الأونروا، ومن أبرزها انتزاع حقّ أكثر من 38 ألف طالبٍ فلسطينيّ في لبنان من أجل التّعلم بكرامة عبر وقف التّشكيلات الصفّيّة الخمسينيّة التّجهيليّة والمُذلّة للطّلبة والمعلّمين على حدٍّ سواء، وتثبيت مئات المعلّمين على الموازنة العامّة خلال السنتين الماضيتين».
ودعا «جميع أعضاء الاتّحادات على مختلف القطاعات الى النّفير النّقابيّ العامّ، وإعلان العصيان الإداريّ»، كما طالب الفصائل واللّجان والحراكات والفعاليّات والمرجعيّات المجتمعيّة الفلسطينيّة بـ»الوقوف صفّاً واحداً مع اتّحاد المعلّمين في معركته الوجوديّة التي يخوضها مع هذه الإدارة»، وأعلن الإضراب العام اليوم السّبت في جميع المؤسّسات التّعليميّة والتّربويّة كخطوة أولى تحذيريّة تليها خطوات تصعيديّة متتالية بسقوف غير معهودة يُعلن عنها في حينه».