أفادت المعلومات الديبلوماسية التي توافرت لـ»نداء الوطن» أمس، أنّ الموفد الأميركي آموس هوكشتاين يسعى «فعلياً إلى فصل لبنان عن غزة وفرض الهدوء على الحدود الجنوبية، ولكن هذه المرّة بأقل التكاليف والشروط الممكنة». وقالت هذه المعلومات: «إنّ ما يشهده لبنان حالياً هو لعبة عضّ الأصابع في الوقت المحموم، فالإدارة الأميركية تضغط لتحقيق إنجاز قبل الانخراط في الحملات الانتخابية، فيما إسرائيل تخوض معركة مصيرية. وفي المقابل، يلعب «حزب الله» على حافة هاوية الحرب التي تلوّح إسرائيل بشنّها على لبنان كي تنهي تهديد «الحزب» لحدودها الشمالية».
وفي التفاصيل المتصلة بزيارة هوكشتاين الأخيرة للبنان، تبيّن استناداً الى اللقاءات التي عقدها أنه «تراجع في آخر نسخة من العروض التي تقدّم بها، عن مطالبه وشروطه السابقة، في محاولة جديدة لإغراء «حزب الله» للقبول بما هو معروض عليه، مقابل التهديد الذي تمارسه إسرائيل بتصعيد عملياتها العسكرية، حتى لو حصلت الهدنة في غزة».
وتفيد المعلومات ايضاً أنّ الموفد الأميركي «تراجع عن شروط إنسحاب «حزب الله» ولم يذكر هذا الأمر في لقاءاته، بحيث صار كل مطلبه حصول وقف لإطلاق النار، بضمانات من الفريقين، على أن يصار في مرحلة لاحقة إلى البحث في حلّ النقاط الحدودية الست العالقة ضمن إطار اللجنة الثلاثية غير المباشرة برعاية «اليونيفيل»، بالتوازي مع البحث عن صيغة معالجة للنقطة B1 المهمة استراتيحياً بالنسبة للإسرائيلي».
وبالنتيجة، يُفهم أنّ جلّ ما يريده هوكشتاين فوراً هو «فرض وقف لإطلاق النار في الجنوب لفصل لبنان عن غزة، على أن يصار في مرحلة لاحقة الى البحث في ملف الحدود البرية مقابل إعادة إعمار الجنوب»، وفق المعلومات التي رجّحت أنّ «حزب الله» اقتنع بأنّ الإدارة الأميركية بدأت تتراجع في مطالبها، لدرجة تجاهل الـ1701، فراح يصوب على مهمة موفدها، لدفعه إلى مزيد من التنازل».
في مقابل ذلك، أوضح مصدر ديبلوماسي لـ»نداء الوطن» أنّ زيارة هوكشتاين لبيروت لم تقتصر على مطلب «نزع فتيل العبوة» بل «تضمّنت آلية متابعة اتفق عليها مع الجهات الرسمية، تمهيداً لجهوزية عملانية عند إعلان وقف إطلاق النار الموقت في غزة، والذي يُفترض ان ينسحب على لبنان من خلال المباشرة في التفاوض على تطبيق القرار الدولي 1701 بكامل مندرجاته».
وكشف المصدر عن أن «هوكشتاين شكّل فريق عمل أميركياً برئاسة السفيرة الأميركية ليزا جونسون، يعقد اجتماعات في السفارة وينكب على وضع ورقة عمل سياسية لتنفيذ القرار 1701، أي أنّ عملية تنفيذ القرار هذه المرة لن تكون لوجستية وميدانية فقط، انما ستكون مقرونة بخارطة طريق سياسية تتضمن استجابة مطالبات لبنانية ذات علاقة باعادة تزخيم ملف التنقيب عن النفط والغاز وبجدية بعيداً عن الممنوعات المستترة، واستثناء لبنان من قانون قيصر لجرّ الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا، الى مشاريع استثمارية منتجة ومنها إجراء مناقصة لإعادة تلزيم واستثمار مصفاة الزهراني، مع ضمانات حقيقية تتصل بتثبيت الحدود من رأس الناقورة الى تخوم مزارع شبعا اللبنانية على ان يترك مصير المزارع الى مرحلة لاحقة».
وأشار المصدر الى أنه «عند إنجاز الورقة الأميركية التي تُصاغ وفق عناوين عريضة طرحها هوكشتاين، سيعود الى لبنان لبدء البحث في كيفية التنفيذ وآلياته والملاحظات على الورقة قبل المباشرة في وضعها موضع التنفيذ، وأنّ الأمر لن يكون مفتوحاً إنما بسقف زمني يضمن عدم انفلات الأمور مجدداً في حال انهيار الهدنة في غزة».
ومن المعطيات الديبلوماسية الى المعطيات السياسية، فقد رفض المطارنة الموارنة بعد اجتماعهم الشهري في بكركي أمس، «رفضاً قاطعاً زجّ لبنان في الحرب الفلسطينية – الإسرائيلية، التي نأت الدول العربية جمعاء عن نيرانها»، وطالبوا «الأطراف المحليين المعنيين بإبعاد الأذى الذي يُعانيه أهلنا في الجنوب، على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية».
وفي التحركات، علم أنّ وفداً من كتلة «الوفاء للمقاومة» برئاسة النائب محمد رعد سيزور الرئيس ميشال عون اليوم في الرابية. واعتبرت أوساط متابعة أنّ سبب الزيارة إعادة تطبيع العلاقات بين «حزب الله» وبين «التيار الوطني الحر» بعد موقفه المعترض على المواجهات التي يخوضها «الحزب» في الجنوب.